مناقشة وتلخيص تاريخ النهضة الأوروبية
قد يزيدنا علماً أن نقوم بالتصفح في عبارات كتاب الدكتور المبدع نور الدين حاطوم، والذي يضيف لنا اتجاهاً علمياً راقياً حول تلك العصور التي تتعلق بنهضة الدولة الأوربية، والذي يضيف رونقاً علمياً في الحس الغربي، ويثري بعباراته السامية التعبيرات العقلية التي تكون الصورة الذهنية حول تلك التخيلات الموجه لعصر النهضة الأوربية، فيصل لدرجة تميز بها أفكارنا، وتنتبه لها أسماعنا. إن مؤلف هذا الكتاب هو أحد الناقدين الاجتماعين في مجتمعنا هذا وهو الدكتور "نور الدين حاطوم"، حيث اعتمد الكاتب في كتابه على مصادر عربية وأجنبية، لكنه مال أكثر الأمر لتك المصادر الأجنبية التي دعمتها الأدلة الموضحة لتطور عصر النهضة الأوربية في ثنايا البلاد، حيث توجه إلى طرح المفاهيم والأدلة الداعمة لوجهات النظر التي يعرضها.
نبذة عن الكتاب:
يعد الكتاب من أبرز الكتب التي ناقشت قضية تاريخ عصر النهضة الاوربية، فالكتاب كبير الحجم تكاد تزيد عدد صفحاته عن خمس مائة صفحة من المقطع المعتاد للكتب، فهو غني المضمون، عزيز المادة، شامل الحجج والبراهين، فقد اشتمل على الكثير من القضايا التي تناقش قضايا المناطق الإفريقية والأسيوية وتلك العصور قبل عصر النهضة، وأهم التطورات التي ظهرت في عصر النهضة الأوربية. بالتالي، فقد استرعي المؤلف ذهن القارئ من خلال المقدمة المستوحاة من المشاهد التجريبية في عصر النهضة الأوربي، حيث ذكر الكاتب فيها أن عصر النهضة هو ذلك العصر الذي يبتدئ برحلة كريستوف كولومب الأولي في العالم الجديد عام1492 وحروب إيطاليا1494، وينتهي بين وفاة اليزابيث ملكة انجلترا 1603 وموت متري الرابع ملك فرنسا1610. وبعد، فيروق لنا أن نبعث على الصفحات الغراء بتحية وتقدير للكاتب الدكتور نور الدين الذي أمتعان بكتابه هذا، كما أنه قد أسهم به في دراسة تاريخ عظيم في مرحلة النهضة الأوربية.
أقسام الكتاب:
وقد بني الكاتب هذا الكتاب لأن يحتوي على ثلاثة أقسام؛ بحيث يشمل القسم الأول على عشرة فصول فتقوم بمناقشة العنوانين التالية" أوربا والعالم في آخر العصر الوسيط، حروب إيطاليا، النهضة، النهضة الاقتصادية، النهضة الدينية، نهضة الدولة، ملكيات العصر الوسيط، خطر الأتراك العثمانيين على أوربا، نهضة السياسة الخارجية، العلاقات الثقافية"، أما القسم الثاني من الكتاب فإنه يشمل فصلاً واحداً، حيث يعرض الأفكار الهامة في موضوع بلاد اسيا الوسطي والشرق الأقصى، ويناقش الحضارات المختلفة في القرن السادس عشر.
أما عن القسم الثالث فقد اشتمل على فصلين؛ الأول منهما ينصب حول بلاد المغرب العربي الكبير والفترة التي ظهرت فيها الدول المختلفة وتجليها في عصر النهضة، والثاني منهما تمركز حول البلاد الإفريقية ووداي النيل في مصر، حيث يناقش مصر قبل الفتح العثماني والمراحل التي مرت بها والتنظيم السياسي في تلك العصور.
ملخص عام للكتاب:
لقد حظي عصر النهضة الأوربية بحوادث عظيمة تبدلت فيها الأنظمة لدي الدول الداخلية، لاسيما في أوربا عامة، وفي تلك العلاقات الخاصة بهذه القارة والقارات الأخرى، فنجد أن حال أوربا والعالم في أواخر العصر الوسيط يظهر عقب تداعي الامبراطورية الكارولنجية في الغرب الأوربي وقد انحلت قوي الدولة، حتي أن فكرة الدولة قد فقدت معناها، ولكن شيد المجتمع بشكل جديد التف فيه الضعيف حول القوي، ونما النظام القطاعي، فكانت أوربا منظمة تنظيماً قوياً، وكانت الدول الهامة فرنسا، انجلترا، اسبانيا، مرشحة لأن تلعب دورها في التفوق الاوربي خلال العصور الثلاثة الاتية في المستقبل.
أماعن أوربا الوسطي فيمتد هذا القسم من اسكاندينافيا إلى إيطاليا، فنجد التجزئة السياسية بالغة أقصاها، ولقد وجد بين هذه الدول رابط نظري وهو الامبراطورية الجرمانية المقدسة، حيث لا يجد أي أثر للوحدة السياسية وكان على رأس هذه الإمبراطورية المقدسة عامل منتخب لا يتمتع بأي سلطة ولا يحصل من المجلس العام على المعونة إلا في الأحوال الاستثنائية.
وقد الخرطة السياسية في أوربا الشرقية ثلاث دول كبري: بولونيا، موسكوفيا، الامبراطورية العثمانية، وكانت تلك الدول مواطن حياة فكرية نشيطة، حيث أتي الاتراك العثمانيون من شبه الجزيرة الاناضول واستوطنوا أوربه في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، فكانت الامبراطورية العثمانية بفضل ضرائبها الباهظة، تتمتع بموارد عظيمة تساعدها على تعبئة جيش هام وتؤهلها لأن تلعب دوراً هاماً في السياسة الأوربية، فنري وجود صفات مشتركة بين تلك الحضارات وهي:
- أن الحضارة قبل كل شيء مسيحية، لأن الاختلاف الديني لا يوجد، ولا يعترف به، ولأن الدين يجمع بين الحياة الفردية والجماعية.
- كان المجتمع مرتباً على طبقات، ففي كل دولة أوروبية كانت الطبقات الاجتماعية منفصلة متميزاً بعضها عن البعض.
وبالنسبة للقارات الأخرى أسيا وضمنت أربع دول هامة، وأفريقيا التي كانت تخفي على أوربا، حيث أخضع الفتح العربي مناطق واسعة في أفريقية ولم يتوطد الحكم العربي في أفريقية الشمالية فحسب بل تأثير العرب انتشر من خلال التجارة والدعوة الدينية في أفريقيا الشرقية في شاطئ المحيط الهندي، حيث كانت التجارة العربية نشيطة بواسط القوافل بين أفريقية الداخلية والبحر المتوسط وخاصة في المحيط الهندي.
أمريكا والتي كان استيطان هذه القارة متبايناً جداً، فالي جانب الصحاري أو أراضي المراعي الخالية نجد مناطق كثيفة السكان نسبياً، فلم تكن طباع السكان أقل اختلافاً، وكان معظمهم يعيش عيشة بدائية، وظهر فيها ثلاثة مراكز حضارية، فكان التنظيم في الحياة الاقتصادية يفرض وجود ملاك منظم للدولة.
حروب إيطاليا من 1494 إلي 1559م:
عندما تذكر حروب إيطاليا فإننا نعني تلك الحملات التي وجهتها كل من الدول الكبرى الأوربية، إلى شبه جزيرة إيطاليا، فقد ظهرت أسباب الحرب في انحرافات السياسة الفرنسية المتبعة وخروجها عن تقاليدها المألوفة، فكان الملوك يسعون في توسيع أراضيهم على حساب القطاعات الكبرى.
أما عن عصر النهضة فقد أراد الانسانيون ارجاع القديم وقراءاته لذا اسسوا التعليم على العلوم الطبيعية، والنهضة الاقتصادية التي تمثلت في تمحور الاقتصاد نحو التجارة والزراعة وتطور الصناعات البدائية من أجل رفع مستوي المعيشة، أما عن النهضة الأدبية وهي تلك الحركات الأدبية والفنية التي كانت على لها تأثير مختلف.
وبالتالي فقد تمثل خطر الأتراك على أوربا لتهديد مصالحها الاقتصادية التي نمت في فترة قصيرة عقب النهضة التعليمية، وبالتالي استطاعت العلاقات الثقافية أن تأخذ نمطاً من المسايرة والتنوع حول البلدان المختلفة.
بلاد أسيا الوسطي والشرق الأوسط: وقد تمحورت حول دور البلاد الأسيوية في رفع المستوي الحضاري في تلك المناطق، حيث استطاعت بلاد أسيا من تحدي العوامل الجغرافية والاجتماعية في ترسيخ التعليم النافع لتكوين قاعدة أساسية تبني عليها الحضارة.
كما اشتملت القسم الثالث في موضوع بلد المغرب العربي، حيث مثلت تلك الفترة من 1371_1554 تدهور حضاري في تلك البلاد، في حين تحدي تلك الفترة والوصول لعصر الدولة السعدية الذي اشتمل جوانب اجتماعية مختلفة ضمت بلاد الجزائر وحكم تونس ولبيبا، والاحتلال الاسباني، بينما اشتمل الجانب الأخر من القسم قضية وادي النيل في الحضارة المصرية، حيث كانت تمثل مصدر للحضارة في عصر ما قبل الفتح العثماني 433، وعقبها فترة أفول تجارة الهند والذي يليها النزاع بين السلطان سليم وقانصوه الغوري ثم فتح مصر، وبالتالي فقد اخذ التنظيم السياسي والإداري نمطاً جديداً في شكل الدواوين التي سيطرت من أجل حضارة عظيمة.