تلخيص كتاب سقوط العلمانية
نبذه عن الكاتب:
أنور الجندي ولد عام 1917 م بقرية ديروط التابعة لمركز أسيوط، فقد كان القائد التركي الذي اشترك في حرب فلسطين وكان يأخذ وضعاً مشهور في تلك الفترة، ثم درس بالتجارة المتوسطة واكمل دراسته عند الالتحاق بالجامعة ودرس الاقتصاد وإدارة الأعمال إلى أن تخرج في الجامعة الأمريكية بعد إجادته للغة الانجليزية.
بدأت أول أعماله في مجلة أبولو الادبية، وتشكل سنة 1940م علامة فارقة في حياته عندما قرأ ملخصاً عن كتاب وجهه الإسلام ولفت نظرة التحدي للإسلام ومحاولات الغرب في تشويه صورة الإسلام وفرض الآراء الغير صحيحة فيه، ومن ثم وصل أنور الجندي إلي حداً كبيراً من الاختراق الأدبي في ذلك الوقت، وأظهر موازنة في صحة الفكرة الإسلامية والعقيدة من خلال كتبه الفكرية، وفي عام 2002م، توفي إلي رحمة الله المفكر الكبير "أنور الجندي" وعمره 85 عاماً بعدما ظل يقاتل من اجل الحفاظ على الهوية الإسلامية الأصيلة ودفع الباطل والأقاويل المضللة وحملات التغريب والغزو الثقافي.
وصف الكتاب والكاتب:
تتضح فكرة الكتاب من عنوانه، فقد ظهر نتيجة محاولات الغرب في تطبيق نظام العلمانية في الدول الإسلامية المختلفة ومعناها "لا ديني"، ونشأت هذه الكلمة في ظل ظروف غامضة من أجل استبدال الحكم الإسلامي بالحكم الوضعي، ومحاولة رفع رايات التبشير وأصحاب الفكر الغربي الذين لا دين لهم، فيناقش الكتاب كيف تطورت الفكرة العلمانية في الدول الإسلامية من خلال التربية ومحاولة تطبيق التعليم الأجنبي والفصل بين الدين والدولة، ويهدف مناقشة أفكار تحرير الذات العربية من إطارتها الغيبية ويقصدون بها الإسلام، ومن خلال نشأة الكاتب الإسلامية وحفظه للقرآن الكريم واستنباط الحقائق الدينية التي تضمن دخول الدين في كل المجالات الحياتية منع فصل الدين عن الدولة فقد تصدي الكاتب من خلال كتابته أن يفتح مجالاً لمناقشة قضية العلمانية في الوسط الغربي.
ملخص الكتاب:
إن كلمة العلمانية تعبر عن أكثر من مدلول ولها تاريخ طويل، وشاهدت تنقلات عصرية عديدة غيرت من معناها، وفي اللغة الأوروبية تعني لا ديني، مع محاولة المترجمين في إخفاء معناها الحقيقي حتي لا تتصادم مع الواقع العربي، فقد ارتبطت فيما حدث في أوروبا وما دار فيها بين الكنائس ورجال العلم والعلماء، ثم أخذت تتسحب داخل الإطار العربي في ظل ظروف قاسية، حتي يتم استبدال الحكم الإسلامي بالحكم الوضعي، فقد تمثلت أول مرحلة للعلمانية في التربية والمناهج الدراسية والفصل بين الدين والدولة؛ للسعي وراء تحقيق العلمانية وهي تحرير الذات العربية من إطارتها الغيبية، فلا تقف حد فصل الدولة عن الدين ولكن فصل الذات نفسها؛ لتتخلي عن كل ما يرتبط بها من أفكار وتراث ودين وقيم واتباع المهج العلمي الذي يقيس المجتمع والنفس على النحو الذي يقاس به العلوم الطبيعية وهي التجربة والملاحظة، وبذلك يظنون إخراج الأمة عن الإسلام لتعتنق فكراً آخر .
العلمانية في الفكر والمجتمع الغربي:
تمثل العلمانية في الغرب شيء طبيعياً ويرجع لغياب المفاهيم الدينية وبجانب الحملات الشرسة من الكنائس وهذا ما دعي إلي إقصاء الدين عن الحياة، وهدفت العلمانية إلي عزل الدين عن المجتمع عزلاً تاماً، عزل الروح والفكر عن الحياة، إعلاء كلمة العقل والمادية والإلحاد، فقد هدفت للسيطرة على مختلف الآفاق والحياة.
العلمانية في الفكر والعالم الإسلامي:
منذ وجود الاستعمار في المجتمع الإسلامي وهو يحاول إقصاء المنهج الإسلامي وإحلال المنهج العلماني، وقد ظهرت تلك الفكرة في بعض المحاولات في فرض القانون الوضعي بديلاً من الشريعة الإسلامية وإنشاء معاهد الإرساليات التبشيرية والسيطرة على المناهج الدراسية وعزل العرب عن جوهرهم الأصيل، وحاولوا زعزعة اللغة والتاريخ ونشر مفاهيم تحرير المرأة، وسيطرة القانون الفرنسي والتمهيد لإلغاء المحكم الشرعية، ومحاولة إلغاء المدارس الإسلامية، ومن خلال هذا قد تحقق العلمانية أول مرحلة لها وإخراج العرب من القوالب الإسلامية.
ما العلاقة بين العلمانية والعلم؟
ارتبطت العلاقة بينهم من خلال الدعوة للاعتماد على الواقع المحسوس، والبعد عن ما لا تدركه الحواس ولا يقاس بالتجربة، والتحرر من العقائد الغيبية التي تضلل صاحبها، فالعلمانية تنظر إلى العلم نظرة قاصرة وتقف عن المحسوس، وعلى هذا فإن اشتقاق العلمانية من العلم خطأ وإنما هو تمويه؛ لأن العلم نفسه لا يقر منهجاً ناقصاً وإنما هو جماع العلم كله، علم الحياة وما بعدها.
العلمانية والفلسفة:
فقد وضحت معظم الدلائل أن النهج الذي اتبعته العلمانية هو نهج الفلسفة وليس منهج العلم التجريبي؛ لان التجربة تختص بمجال العلوم والرياضة ولم يهتم بالأمور الإنسانية والمجتمع، إذا العلمانية نتاج الفلسفة الخاطئة وليس نتاج العلم، وحتي نصل إلي فهم التيارات الغربية على وجهها الصحيح لابد من معروفة الفروق بين الفلسفة والعلم، فالعلم يجري داخل المعامل أما الفلسفة فهي واقع قائم على حساب وتجربة ونظرة من المحتمل أن تكون صائبة أم خائبة، فالفكرة العلمانية تقرر أن عقيدتهم ترفض اعتبار الدين أساساً لحياة الجماعات البشرية وتدعوا للاعتماد على الحقيقة من الحواس.
العلمانية والدين:
ويعد تعارض العلمانية للدين أكبر خطر تهدف إليه، فهي تتحرر من العقائد الغيبية العواطف الروحية، فهم يهدفون لتفسير الحياة والمجتمع تفسيراً حسياً دنيوياً لتجرد البشرية من الأديان التي ينظرون إليها على انها غيبيات وأساطير وحياة أخري، وتنظر للكون على أنه مستقل بذاته ولا يحتاج إلي أي قوة خارجية وأن النشاط البشري لا يعرف الاستقرار، وتعتبر العلمانية هي النتاج الأخير لمحاولات خطيرة منذ عصر التنوير في أوروبا وإقامة مجتمع بشري متحل ومتحرر من الألوهية وبالفعل نجحت تلك المحاولة في أوروبا مما شجع دعاة العلمانية إلي حمل المسلمين عليها غير مبالين للفوارق بين العقائد والملل بين الشرق والغرب.
العلمانية والإنسان:
تري العلمانية أن الإنسانية أصبحت راشدة وليست في حاجة للوصاية والقيم الدينية، وتنظر للإنسانية على انها تبدأ بالضلالة ثم تبلغ درجة الرشد الذي به يحق لها أن يتحرر من وصايا الدين.
موقف العرب وموقف الغرب:
إن الغرب عجز عن التماس مفاهيم الدين الحق، ووقف من الإسلام موقف العداء الشديد دون الوقوف على حقيقة، أما العرب وصفوا العلمانية بالتخلف والرجعية فلا مبرر من فصل الدين عن الدولة، وبالتالي لم تنجح العلمانية في القضاء على الشعور الديني حتي في البلاد التي تدين بالإلحاد رسمياً.
منهج الإسلام في المعرفة:
يتكامل المنهج الإسلامي فلا يعتمد على التجربة فقط ولكن يستمد المطابقة بين العقل والفطرة مراعيا القواعد الشرعية في الدين الإسلامي.
مراجعة نقدية للكتاب:
قد اتجه الكاتب إلي محاولة وضع العلمانيين في صورة ذهنية من خلال توضيح أهدافهم وأفكارهم ثم وضح انها لا قيمة لها بالنسبة للعقل الإنساني وبين أنهم أصبحوا يناقضون أنفسهم في الوقت ذاته، فكان موضوعياً إلي حد كبير ولكنه يتأثر بالدين الإسلامي لكونه مسلماً حافظاً للقرآن، واعتمد على مصادر من خلال أقوال المفكرين في العلمانية واثبت ذلك بالحقائق التاريخية، لم يكن الكتاب مسيس إلي حد كبير بقدر ما هو يخاطب العقل الإنساني الراقي وتعامل معه بشكل علمي في توضيح سلسة المعلومات المترتبة.
الرأي الشخصي:
في اعتقادي أن الكاتب قد أبدع في بيان الحقيقة المغيمة بالأفكار الأوربية على انها تقدم وفلسفة ولكن وضح أن الدين الإسلامي قائم على الفكر الراقي والفلسفة المنطقية الصحيحة، من خلال المقارنة بين ما اعتمدت عليه التبشيرات العلمانية والثقافة الإسلامية.
المراجع:
أنور
الجندي، سقوط العلمانية، دار الكتاب اللبناني، لبنان، 1994.