قد يعجبك

دور الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين وكبار السن

الخدمة الاجتماعية والمسنين (كبار السن)

سوف أتناول في هذا البحث موضوع "دور الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين" حيث أن رعاية المسنين هو مجال من مجالات الخدمة الاجتماعية التي تقوم بتقديم المساعدة والممارسة المهنية وتوفير احتياجات ومتطلبات كبار السن في المجتمع، فمن المعروف أن الرعاية للمسنين هي حق لهم، فهؤلاء شاركوا في تنمية المجتمع لسنوات طويلة وأفنوا عمرهم في خدمة المجتمع، إلى أن ووصلوا إلى مرحلة متقدمة من العمر، تلك المرحلة التي قد يفقدون فيها عدة قدرات بسبب تدهور حالتهم الصحية أو غير ذلك من الأسباب التي تنتج عن الشيخوخة. إن المسنين بحاجة الى الدعم والمساعدة وامداد يد العون لهم نظراً لعدم قدرتهم على القيام ببعض الأمور، وأنماط الرعاية التي تقدم إلى كبار السن متعددة، وخاصة الرعاية غير الرسمية التي تقوم الأسرة أو الأقارب أو الجيران بتقديمها دون مقابل أو أجر فقد يكون الدافع الأساسي لديهم دافع ديني وأخلاقي، ولا يمكن القيام بصنع سياسة اجتماعية فاعلة لكبار السن في ظل غياب الإطار الديموجرافى الذي نعيشه في المجتمعات العربية الاسلامية اليوم، الذي يعكس واقعية سياسة رعاية كبار السن.


مفهوم المسن (كبار السن):

يُعرف المسن في اللغة اصطلاحًا هو اسم من أسنَ نقول أسنَ أي كبرت سنه وطال عمره ويقال هذا اسن من هذا أي أن هذا أكبر سناً من هذا، لذلك فالمسن هو الشخص الذي كبر في السن وطال به العمر. قد عرف العديد من الفقهاء المسن بانه هو كل من بلغ سن 60 عام وأكثر، أو هو الشخص الذي هبطت أو انعدمت قدرته الإنتاجية وتوقف عن العمل. أما الفقهاء فقد عرفوا المسنين على أنهم الأشخاص الأكبر سناً بين أفراد الأسرة وهم من يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام بسبب ما يعانوه من ضعف جسدي وذهني.


مفهوم الشيخوخة:

تعرف الشيخوخة على أنها حالة يكون فيها الجسم ضعيف ومضطرد في وقاية نفسه، فإن مرحلة الشيخوخة تعتبر اقسي المراحل التي يمر الأنسان بها في حياته.


تعريف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين:

تعرف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين على انها المجهود الذي تقوم به الدولة بمؤسساتها ومنظماتها لتقديم الخدمات والبرامج التي تساعد المسنين على إشباع حاجاتهم الضرورية، بهدف التفاعل مع مجتمعهم في نطاق النظم الاجتماعية القائمة لتحقيق أقصى تكيف مع البيئة الاجتماعية التي تحيط بهم.


المشاكل التي يعاني منها المسنين:

تؤثر مشكلات المسنين على صحتهم الجسدية بشكل سلبي بسبب المشكلات النفسية وربما الجسدية التي يعانون منها، مما يتطلب تقديم الرعاية الخاصة والاهتمام بهم من قبل الأخصائيون المهنيون. وترتبط الاحتياجات النفسية للمسنين بمشكلات عدم التكيف مع الوضع الجديد وتتضح الآثار النفسية والأخلاقية في ظل زيادة وقت الفراغ في مرحلة الشيخوخة، ومن بين هذه المشكلات النفسية:

1- مشكلة سن القعود: وهي ما تعرف باسم سن اليأس، ويكون مصحوبا باضطراب نفسي أو عقلي قد يكون ملحوظاً أو غير ملحوظ وقد يكون في شكل الترهل والسمنة والإمساك والذبول والعصبية والصداع والاكتئاب النفسي والأرق.

2- ذهان الشيخوخة: وفيه يصبح الشيخ أقل استجابة وأكثر تركزا حول ذاته ويميل للذكريات وتكرار حكايات الخبرات السابقة، وتضعف ذاكرته ويقل اهتمامه وميوله وتقل شهية الطعام والنوم لديه، وتضعف طاقته وحيويته ويشهر بقلة قيمته في الحياة، مما يؤدي به للاكتئاب والتهيج وسرعة الاستثارة والعناد، والنكوص لحالة الاعتماد على الغير واهمال النظافة والملبس والمظهر.

3- الشعور الذاتي بعدم القيمة وعدم الجدوى في الحياة: يشعر المسن بأن الآخرين لا يقبلونه ولا يرغبون في وجوده وما يصاحب ذلك من تصعيد وتوتر|، فقد يعيش البعض وكأنهم ينتظرون النهاية المحتومة.

4- الشعور بالعزلة والوحدة النفسية: حيث أنهم يتذكرون الماضي عندمت كان الجميع حولهم ويتذكرون كذلك زمن الصحة والحركة والعمل فيرفضون الواقع وينعزلون.

دور الخدمة الاجتماعية في رعاية المسنين:

يلعب الأخصائي الاجتماعي في مجال رعاية المسنين دورا هاما لا يستطيع احد أن ينكره وينكر أهميته البالغة فالأخصائي الاجتماعي يحاول دائما أن يعمل بكل جد واجتهاد من اجل الارتقاء إلى اقصى حد ممكن بالأداء الاجتماعي للمسنين حيث يعكس هذا الدور الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي تقديم الرعاية والعناية للمسنين على اعتبار انه واجب إنساني وحق لكل مسن في ظل مجتمع مسلم يعمل على تطبيق وإرساء قواعد الشريعة الإسلامية.

فرعاية المسنين اليوم أصبحت ضرورة إنسانية بحتة تفرضها علينا تطورات العصر الذي نعيشه اليوم والذي يتميز بارتفاع في متوسط الأعمار نتيجة للتقدم الصحي هذا بالإضافة الى ما يتضمنه من إجراءات وقائية وعلاجية مما يؤدي في النهاية الى زيادة عدة المسنين في المجتمع.

ويمكن تلخيص دور الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين، بأنها تعمل على تحقيق النقاط التالية:

1- التوعية المجتمعية بشأن قضايا المسنين من أجل تعريف الأجيال الصاعدة بأهمية الاجراءات الوقائية في الأعمار المبكرة، والتي تساعدهم على تحقيق حياة بدون معاناة بدنية أو اجتماعية عند بلوغ مرحلة الشيخوخة.

2- دعم دور الأسرة لمواصلة دورها التقليدي من خلال العمل على تدعيم المفاهيم التربوية وايجاد التنظيمات المدعمة التي تمكن الأسرة من مواصلة دورها مع المسنين في ضوء المتغيرات المجتمعية المعاصرة.

3- تنشيط مشاركة المسنين في حياة المجمع الإنتاجية والاجتماعية من خلال العمل على توجيه الجهود الخاصة من أجل تحقيق تلك المشاركة، وازالة ما يقف أمام ذلك من عقبات.

4- تيسير حصول المسنين على احتياجاتهم المعيشية اليومية من خلال الاجراءات المنظمة لذلك أو التنظيمات أو المشروعات الاجتماعية التي تعاون في تحقيق ذلك.

5- المعاونة في دعم الجهود الوقائية والعلاجية لاحتياجات المسنين من خلال توفير الدعم المجتمعي بأشكاله المختلفة وعلى كافة المستويات بهدف تحسين الظروف الحياتية للمسنين.


دور الأخصائي الاجتماعي في مجال رعاية المسنين:

من اهم الصفات التي يجب توافرها في الأخصائي الاجتماعي في مجال رعاية المسنين هو أن يكون على قدر عالي من الحكمة والتعقل والأخلاق الكريمة وان يكون على قدر كبير من العلم والمعرفة والذكاء حتى يستطيع التعامل مع المسنين وتقديم المساعدة لهم، أما اذا تكلمنا عن دور الأخصائي الاجتماعي في مجال رعاية المسنين فنجد أن للأخصائي الاجتماعي دور كبير في مجال رعاية المسنين ومن اهم هذه الأدوار:

1. تنظيم برامج من أجل تعميق مشاركة المسنين في عمليات صنع القرارات الخاصة بالتخطيط لسياسات الرعاية الاجتماعية.

2. ضرورة مساعدة المسن من اجل الوصول به الى أقصى درجة من التوافق النفسي والاجتماعي حتى يستطيع التكيف مع البيئة التي نشا بها.

3- عقد المقابلات الفردية للتعرف على احتياجات المسن ومشكلاته ووضع خطة التدخل المهني التي تتناسب مع طبيعته الفردية.

4- وضع برامج فردية لمساعدة المسن على علاج المشكلات التي تواجهه سواء كانت داخل المؤسسة أو في بيئته الأسرية.

5- تنفيذ البرامج الهادفة إلى المحافظة على ما لدى المسنين من طاقات ومحاولة الاستفادة منها.

6- العمل على تدعيم العلاقات بين المسنين داخل المؤسسة باعتبار أن مشكلة فقد العلاقة بالآخرين تتسبب في حدوث الكثير من التأثيرات السلبية على المسن.

7- تشجيع المسنين للتطوع في أنشطة المجتمع وبرامجه المجتمعية في المجالات المختلفة.

8- التدخل المهني على مستوى كافة اشكال مؤسسات رعاية المسنين سواء بأساليب تنموية أو تخطيطية أو دفاعية لما فيه تقديم المساعد والرعاية الاجتماعية للمسنين.


الدراسات السابقة عن الموضوع:

هناك الكثير من الدراسات تناولت القضايا التي تتعلق بالمسنين ومنها الآتي:

1- دراسة (Thomes; Hicks & Johnson, 1994) وقد كان الهدف من هذه الدراسة هو مساعدة أعضاء الجماعة من اجل التحكم في مهاراتهم الحركية لجهازهم الحركي العلوي، وقد شارك في هذه الجماعة خمسة من كبار السن كانت أعمارهم تتراوح بين 65 إلى 84 سنة وقد سبق أن تعرضوا لنوبات قلبية، واستمر العمل بهذا البرنامج لمدة أسبوعين وقد ركزت أنشطة هذه الجماعة على مهارات تذكر الأحداث قد أثبتت هذه الدراسة أن هناك فروق ذات دلالة بين كلا من الدراسة القبلية والدراسة البعدية في مجال تحسين مستوى الأداء في الجهاز الحركي العلوي كما بينت أيضا أن هناك تحسن في مستوى القدرات العقلية والاعتماد الذاتي لدي هؤلاء المسنين.

دراسة العالم الأمريكي تاترا سنة 1995 وكانت بعنوان رعاية المسنين وقد في هذه الدراسة أعداد المسنين الذين تعرضوا للإساءة المعاملة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1991 بنحو مليون ونصف المليون مسن وكانوا أكثرهم من ضحايا لإساءة المعاملة من قبل الذكور وكان نسبة من تعرض للعنف من النساء المسنات أكثر من الرجال حيث بلغت نسبتهم الثلثين من أعداد المسنين الذين تعرضوا للتعذيب.

وفي دراسة لباحث أمريكي جونسون بتاريخ 1986م حيث طبقت على (21) من الباحثين الذين درسوا ظاهرة إساءة معاملة المسنين في الولايات المتحدة الأمريكية ما بين الأعوام 1979 – 1985 وجد أن الباحثين استخدموا مصطلحات مختلفة للدلالة على هذه الظاهرة منها 17 دراسة استخدمت مصطلح الإساءة البدنية و9 دراسات استخدمت مصطلح الإهمال و6 دراسات استخدمت مصطلح الاستغلال إلا أن من المؤكد أن جميع هذه الدراسات ساهمت وبشكل كبير في تفسير وفهم مشكلة العنف الذي يمارس ضد كبار السن.

دراسة (Creanza & Mcwhirter, 1994) وقد استهدفت هذه الدراسة التعرف على مدي فاعلية الخبرات الجماعية ومدي الاستفادة منها في وضع قواعد لأعمال جماعية مستقبلية وقد تم بتطبيق هذه الدراسة على عينة عددها اكثر من40 مسنا وقد استخدم الباحثون فيها المقابلات الشخصية وقد تركزت هذه المقابلات على الحديث عن الماضي، وتوجيه بعض الأسئلة المفتوحة، وقد تضمنت هذه المقابلات أيضا موضوعات متنوعة ومختلفة كذكريات الطفولة والحياة الوظيفية بالإضافة الى الضغوط والأمور المتعلقة بالنوع وكان من نتائج هذه الدراسة وضع استراتيجية لقيادة جماعات كبار السن قام الممارسون بالاستفادة منها وقد سهلت هذه الدراسة لهم مهمة العمل والاتصال داخل هذه الجماعات.


النتائج والتوصيات:

1- إن المسنين يعتبرون من الضعفاء نظرا لحالتهم الصحية والنفسية والاقتصادية فهم عاجزون عن القيام بأمورهم بأنفسهم كما انهم في أمس الحاجة لمساعدة غيرهم وعلى الأسرة والأقارب مسئولية كبيرة وواجب كبير من اجل تقديم الرعاية والاهتمام والعناية بهم وبشئونهم الخاصة وحياتهم المعيشية اليومية.

2- إن المسنين يعانون من مشكلات اجتماعية نفسية عميقة لابد من النظر فيها والعمل على حلها.

3- تقوم الخدمة الاجتماعية بدور فعال وهام جدا في مؤسسات رعاية المسنين وتقدم للمسن حلولاً لكافة ما يعانيه من مشكلات مختلفة.

4- على الدولة الاهتمام برعاية المسنين وتوفير متطلباتهم واحتياجاتهم حتى يستطيعوا أن العيش حياة سوية مستقرة وهادئة.

5- لابد من العمل على تدريب مجموعة من الأخصائيين الاجتماعين بشكل مهني متخصص حتى يستطيعوا التعامل مع المسنين بطريقة جيدة ويتمكنوا من تقديم أفضل مساعدة ممكنة لهم.

6- ضرورة التأكيد على أهمية التوعية الأسرية بالمسنين والعمل على تأصيل المفاهيم الإسلامية المؤكدة على مكانة الكبار واحترامهم وحقهم على أسرهم بالرعاية ورد المعروف لهم.


الخاتمة:

في النهاية نستطيع القول إن رعاية المسنين مهنة ترتبط الى حد كبير بالخدة الاجتماعية وتلعب فيها الخدمة الاجتماعية دور مهم نظرا لما يقدمه الأخصائي الاجتماعي لذلك يجب الاهتمام بها والعمل على توفير الرعاية لهم بشكل لائق كما يجب الاهتمام باحتياجاتهم سواء فيما يخص تيسير وسائل اتصالاتهم ووسائل انتقالاتهم وذلك من اجل تجتب عزلتهم وهذا بالإضافة الى ضرورة تمكينهم من مواصلة مشاركتهم في مختلف أنشطة المجتمع والاستفادة من خبراتهم، وتوفير سبل السلامة والعلاج والراحة والأمان والوقاية لهم. وأرى من وجهة نظري انه يجب أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين الجمعيات والمنظمات الأهلية المحلية والتي تتمثل في خدمات القطاع الخاص والمرافق الحكومية المتعددة وذلك من اجل العمل على تقديم خدمات متكاملة شاملة تكون ميسرة للمسنين. وأرى أيضًا من وجهه نظري أن مشكلة المسنين في دول الخليج ليست مشكلة كبيرة أو مخيفة في وقتنا الحالي ولكنها أصبحت قادمة بلا شك خاصة في ضوء الارتفاع الشديد في نسبة المسنين وقلة المواليد نظرا لانخفاض الخصوبة لدى المجتمع الخليجي وبسبب تطور الخدمات الصحية التي تقدم للمجتمع بما فيهم المسنين.


دور الخدمة الاجتماعية في رعاية المسنين وكبار السن
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -