قد يعجبك

تلخيص كتاب "اللغة والحواس" للدكتور محمد كشاش

التواصل والتعبير بالعلامات غير اللسانية


يعيش الناس حاليا في غرة الألفية الثالثة وهو عصر يختلف عن العصور السابقة فالعصر الماضي عرف بعص الفضاء وقبلة بعصر الذرة وغيره بالاكتشافات ورابع بعصر الثورة أما في عصرنا الحالي ارتقى التواصل فاصبح من الحاسوب إلى الأنترنت فالخلوي وغيرها من المستجدات وقد بدلت ثورة الاتصال كثيرا من المفاهيم الاجتماعية فكانت الاتصال بين شخص وأخر يستغرق حيزا من الوقت أما الان فاصبح الموضوع اسهل بكثير مما كان علية سابقا وسوف نتكلم في بحثنا هذا عن اللغة وعلاقاتها بالحواس ونبدئها بحاسة اللمس ثم الذوق ثم الشم ثم السمع وفى النهاية حاسة البصر. وخلاصة القول إن الاتصال لا يكون فعالا إلا بالتنبيه إلى معطيات الحواس الخمس وحسن التعاطي معها وحذف أساليبها.


علم العلامات وجهود العرب فيه:

توطئة: الأنسان في اغلب الأحيان ينطر إلى نهايات الأمور لا إلى بداياتها. يجنى الثمرة ويحكم على طعمها ويثنى على بائعها، يلقى الطرف على لوحة زيتية فيمدح في قماشها وخامتها دون النظر إلى جهوده لذلك تراه يناقش في ثمنها وعلى هذا النمط تسير الحياة إلى جانب أساس اخر يتمثل في وجود عقدة نقص لدى العربي تجاه الغربي فينسب كثيرا من مبادى العلم وبذوره الأولى إليهم وحجته في ذلك هو تطورهم الحضاري والتقني لذلك بقينا في الخلف نعانى من العجز وندعى القصور وعدم القيادة لكن إذا كان الأمر كذلك فكيف عرف تمكن العرب من التواصل وعرفوا الإشارات ولغة الحواس وهو ما سنتكلم عنه في الكتاب.


العلامية: مفهومها، نشأتها وتطورها:

السيمياء أو نظام العلامات هو علم يبحث في اللغات والإشارات والتعليمات وبهذا التعريف ظهرت ثلاثة اتجاهات الأول لدوسوسير الذي اعتبر اللغة المنطوقة والمكتوبة جزءا من السيمياء. أما الاتجاه التانئ كان لشارل بيرس الذي ارتأى نظرية عامة في العلامات دعاها (السيموتيك) أما الاتجاه الثالث فكان لغيرو وقد ترتب على اختلاف علماء اللسانية في تحديد السيمياء اختلاف حدود العلامات فمنهم من جعلها ضيقة ومنهم من جعلها واسعة. أما إيكو فعد الحقول التي تتضمنها السيمياء فجاءت على نحو: علامات الحيوان، علامات الشم، مفاتيح المذاق، الاتصال البصري، إلى أخره.


الحواس عند الإنسان:

الحواس هي القوة التي بها تدرك الأعراض الحسية، والإحاطة بالمعرفة الحسية تتم عبر أعضاء جسمية. والإحساس يتم عبر القوة الحاسة والحواس خمسة هما اللمس والشم والسمع والبصر والتذوق وهي حواس خارجية أما الحواس الداخلية فهي متعددة منها الشعور بالرضا وحاسة الحاجة إلى الطعام وغيرها.


أعضاء الحواس وآليتها:

الحواس الإنسانية كما قلنا هي خمس اللمس والذوق والشم والسمع والبصر وعلى الترتيب ترجع إلى كثافة الحاسة واشتمالها على قوى كثيرة.
1 – حاسة اللمس: اللمس هي ملامسة الحاس للمحسوس والقدرة على أداركه والتوصل إلى معرفته ويؤدى اللمس إلى التعرف على أصناف كثيرة وهي الحار والبارد والرطب واليابس والصلب واللين والأطوال والأشكال وغيرها. وقوى اللمس كثيرة ومنتشرة في جسم الأنسان وهناك أسباب تجعل حاسة اللمس أول الحواس واشملها في جسم الأنسان وهي أن حاسة اللمس تناسب فطرة الأنسان ونموه العقلي كما أن حاسة اللمس تتسع قياسا إلى أعضاء الحواس الأخرى، أيضا تحتوي حاسة اللمس غيرها من الحواس فتجاوز اللمس حدوده إلى سائر الحواس الأخرى وبرز ذلك من خلال استعمال هذه الأقوال منها: عطر ناعم، صوت رقيق وغيرة من الأقاويل.

2 – حاسة التذوق: التذوق هو إدراك طعم المواد المذاقة واللسان هو الأداة الخاصة به فيتم تذوق الطعم بعد ملامسة المادة المذاقة المنتشرة على سطح اللسان العلوي. والأطعمة التي يدركها الذوق تراوح بين الحلاوة والمرارة والحموضة والملوحة. وفى مجمل الحديث عن حاسة الذوق أو التذوق فان الذوق تال إلى حاسة اللمس ويتلاقى معه كما يتلاقى مع الشم.

3 – حاسة الشم: الشم حقيقته إدراك معنى المشموم وتتم عملية الشم بعد استنشاق الأنسان الروائح التي تصل إلى الأنف (الذي يعد هو عضو حاسة الشم) وتنتقل الرائحة المشمومة عبر الهواء أو الماء وحساسية الشم في الأنسان قاصرة إذا قيست بحساسية الحيوان ويعود السبب في ذلك إلى امر فيزيولوجي. وأسماء الروائح التي يدركها الأنسان غير واضحة الرسوم مثل الألوان وعلى الرغم من تعدد التصنيفات واختلافها في التعبير عن الروائح فانه من الصعب التوصل إلى مفهوم دقيق يستند إلى تأثر الناس بالمواد ذات الرائحة وعلى الرغم من هذا الاختلاف إلا أن الذي يطمان هو أن الرائحة تحمل دلالة وتقوم مقام اللفظة وتؤدى غرضا وغاية.

4 – حاسة السمع: الأصوات هي مادة الألفاظ وخامتها وتختلف الموجة الصوتية عن الأخرى من حيث السعة والتردد والصوت مادة تحتاج إلى وسط ينقلها لأنها لا تنتقل في الفراغ والأجسام التي تعتبر وسائط نقل الصوت من الممكن أن تكون صلبة أو سائلة أو غازية. ويحدث الصوت بعد وصول الأمواج الصوتية عبر الهواء إلى الأذن. وتمثل حاسة السمع دورا غير قليل في حياة الفرد بحيث لا يقل شأنها عن العين.

5 – حاسة البصر: البصر حاسة ألتها العين وهي عضو كروي الشكل يتألف جدارة من ثلاث طبقات الخارجية لفية والوسطى وعائية والداخلية عصبية. وتعمل العين على رؤية الجسم ويتم ذلك بعد وقوع الضوء علية فعند النظر تقوم العين بضبط الصورة عن طريق تغير البعد البؤري لعدسة العين وذلك بتغير تدبها تلقائيا الأمر الذي يحدث بواسطة العضلات التي تتصل بالعدسة وتغير أنحاء سطحيها. والأمر الذي يجب الإشارة الية هو أن البصر من أهم حواس الأنسان فهي من جهة ترتبط بالفكر ترابط قوى.


الحواس الخمس في مصادر الأدب:

رحبت ميادين الفكر عند العرب فجاوزت الإحصاء الكتب بالإضافة إلى القرآن الكريم الذي رسم مبادئ علوم كثيرة وأشار إلى أصولها وأوجد لها الحافز ومن المواعظ والأمثال ما يزدجر به أولو الفكر والاعتبار إلى غير ذلك من علوم لا يقد قدرها إلا من علم حصرها. لم يفرد العرب مصنفا مستقلًا عالجوا فيه الحواس الخمس لكن الاستقلال لم يمنع التجزئة فقد عرفت مؤلفات تحمل عنوان احدى الحواس ومن امثله المشموم كتاب السبوطى "خمائل الزهر في فضائل السور" أما امثله المسموع كتاب أبى العلاء المعرى "الصاهل والشاحج" للمؤلف السمهودى "طيب الكلام بفوائد السلام" ومن مؤلفات المنظور كتاب ابن نباته المصري أما الكتاب الذي جمع الحواس وكان أكثر شمولا هو كتاب "سرور النفس بمدارك الحواس الخمس " للكاتب التيفاشي. أما أشهر المؤلفات في الحواس الخمس فهي:

1 – كتاب صاحب سرور النفس: مؤلف هذا الكتاب هو احمد بن يوسف ولقبة المعروف به الأمام شرف الدين ونسبة الذي شهر به " التيفاشي" ولد سنة 1184 م تمتع التيفاشي بمنهج علمي تجريبي اكسبه العلم مع الأدب وجمع الجد مع اللعب ومن أهم مؤلفاته (الدرة الفائقة في محاسن الافارقة، نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب، كتاب في علم البديع وهو من الكتب المتوسطة فيه).

2 – كتاب سرور النفس بمدارك الحواس الخمس: هو كتاب ذاو طابع موسوعي ينخرط في صفوفه العلم والأدب ويقع هذا الكتاب بين جزأين يحمل الأول اسم "نثار الأزهار في الليل والنهار" والثاني "طل الأسحار على الجلنار في الهواء والنار". وخلاصة كتاب سرور النفس هي أنه لم يأت الكتاب على معالجة الحواس الخمس كما ذكر في العنوان اذ لم تفرد المعالجة للسمع والبصر والطعم أبواب مستقلة. فمن الحواس ما تكون غائبة عن الدراسة كالطعم والشم مثلا.


لغة اللمس بين الدلالة الحسية والمجردة:

يتواصل الفرد مع غيره من أبناء جنسه عبر اللغة المتمثل بقناتيها – الملفوظ والمكتوب اذ ليس من المعقول التواصل مع البعيد عن طريق الصوت كما انه من غير المعقول التواصل بالإشارة البصرية مع غير المرئي. وبالحديث عن التواصل باللمس والإبلاغ عنة، فإن الأنسان يحاول استخدام وسيلة ما لنقل أفكاره وحاجاته ولما تعددت هذه الوسائل كان للمس الدور التبليغي الذي لا يقل شأنا عن غيرة فاللمس أداه تعبيرية تناسب بدائية الأنسان ففي عالم الأنسان يعتمد فاقد البصر على اللمس في التواصل مع عناصر مجتمعة واستعمال اللمس في التواصل وسيلة ناجحة في بيئة العميان ولم يكن البصير بمنأى عن لغة اللمس بل يستخدمها أيضا في الوصول إلى معرفة أوجه وأدق أحيانا.

تبعث لغة اللمس بشيء من اليقين والاطمئنان لسقوط الزيغ والبهتان بفضل من تقدم من نماذج وعيان فهي تعزز صحة القضية وترفع من شأن الفرضية إلى سد النظرية ومناهج الأدلة على هذا هو أن البيان ضروري في الاجتماع البشرى وهو يتم عن طريق أكثر من حاسة كما أن استعمال اليد وغيرها في أثناء التعبير اللفظي هو امر معروف ومتداول ويعتبر إشارة مباشرة ومساعدة لا يمكن الاستغناء عنها. وقد برزت دلالة اللمس على فعل القول والطلب في صيغة الالتماس وهكذا يثبت السؤال باللسان كما يثبت باللمس والحس.

ذهبت معظم الأقاويل واعترفت بوجود لغة اللمس وهي لغة طبيعية يستعملها الأنسان فطريا من دون أن يعيها بفضل عدم تعلمها فالأعمى يعتمد على قانون التعويض في حياته فسيتبدل حاسة بحاسة فالأعمى يرى نفسه انه يرى بأذنة عوضا عن عينة. وجملة القول إن دخول المحسوس الملموس في المجرد المعقول امر منطقي لعدم عزل التفكير المجرد عن عملية الأدراك الحسي ولما كانت المحسوسات أساس المعقولات فقد اعتمد الكثير على حاستهم في معرفه الأمور بطرقة ادق. ونخرج من لغة اللمس بوصيتين الأولى هي عدم الكون دائما إلى الملموس والمادي بل جعله ملموسا ومعبرا للوصول إلى المجرد والعقلي كما في حالة العميان أو عند العميان وصفوه القول انه يجب الالتفات إلى لغة اللمس بغية اكتمال إنسانية الأنسان من جهة وليحسن التواصل مع باقي المخلوقات من جهة أخرى.


طعم الكلام بين الحقيقة والوهم:

ارتباط الطعم بالكلام يبعث على الفضول ويثير تساؤلات كثيرة فقد اعتاد المرء في حياته اليومية أن يقول كلام كالعسل إذا سمع كلام شرح صدره وفى المقابل يردد كلام بلا طعم إذا سمع كلام لا معنى له. أما من ألوان أطعمة الكلام هو أنه تتعدد مذاقات الكلام وأصناف أطعمته وهو امر يرجع إلى نوع الموضوع وحالة المتكلم النفسية إلى جانب الوسط الذي يقال ففي حالات الحب يكون للكلمة تأثير قوى كما أن الكلمة من الممكن أن تؤثر في النفس الغاضبة أو غير الراضية فتبدد بحلاوتها جانب قسوتها شانها في ذلك شان الشراب الذي يرطب وينعش بعد تعب ومن ناحية أخرى تؤدى الفاظ الفحش والسباب المذاق المر والحامض وما يشبهها وذلك لان الفاحش ينزل منزلة "الحدث". ومن ألوان أطعمة الكلام طعم العزة والأنفة.


من وصف الظاهر إلى أثبات الحقائق:

أصبح من الواضح صحة أسناد الطعم للكلام لفظا كان ام معنى وهو أسناد يركن إلى اليقين وتعزز هذا كله الأدلة والبراهين. ومنها أن الكلام شبة إلى حد بعيد الطعام فالطعام إذا أخذ الكثير منه أدى أي تعب وسقم أما إذا كان الكلام جميلا أدى ذلك إلى راحة نفسية للشخص كما أن لذة الكلام تدرك كما يدرك لذيذ المأكل كما أن إدراك الكلمة وتناول معناها يتم كإدراك المأكل وتناول المشرب، وتصوير اللفظ في صورة المحسوس والملموس ذات الطعم والمذاق أكد في نسبة المذاق له ويتضح من ذلك أن الكلام يرتبط بالطعم كما سبق أن ذكرنا.


لغة الشم دلالات الشم:

إن كل أداه من أدوات الحواس يمثل دور اللغة للإنسان التي يتواصل عن طريقها بمن عداة فالفرد يتواصل بالكلام وما ناب منابه من إشارة ولسان لكن هل من الممكن أن تعتبر حاسة الشم طريقة يتم التواصل بها وكيف؟ أما عن الرائحة بين العبارة والإشارة فإن الإنسان يتواصل بالشم كما يتواصل باللفظ ويعبر بالرائحة كتعبيره بالكلام. وتمثل الرائحة معلما حضاريا في الحياة العربية فالرائحة رسالة تحمل دلالات متباينة لا يكتم سرها لطبيعتها التلقائية في الانتشار والجريان. فالرائحة لدى اللبونان وسيلة اتصال مهمة وأساسية.

يجب القول إن لغة الشم نظام من العلامات غير اللسانية مادتها الرائحة وجهاز نطقها الأنف وبكلمة الرائحة لغة تؤدى المعنى سيميائيا نظرًا لأنها نظام من العلامات غير اللسانية. تركت لغة الشم أثراها على غير جانب من جوانب الحياة الاجتماعية كما في حقل الصناعة والتي يعتمد فيه التجار على نشر روائح تذكر بأصالة إنتاجهم ومنهم منتجي الأزهار الصناعية.

أما على الصعيد الاجتماعي فقد أدت العطور دورا بارزا في تجمل المرأة وزينتها قياسا إلى غيرها من مواد التجميل فطيب الريح والعطر لا يقل عن أهمية الغنى والشباب.


لغة السمع (دلالات الإشارات الصوتية غير اللغوية):

إلى جانب وصول الصوت إلى الأذان إلا انه يحتاج في فهم معانيه إلى الانتباه مع التعقل والتدبر. إن الكلام إشارة لغوية ناتجة عن انتظام الأصوات والحروف لتؤدي معاني صحيحة يحسن الوقوف عليها وأصوات الكلمة تخضع لقوانين وأحكام تعرف بقواعد اللغة.

1 – أسماء الأصوات: هي الفاظ لغة طبيعية تصدر تلقائيا يخاطب فيها ما لا يعقل من صغار الأدميين أو تعبر عن انفعالات واستجابات تستدعيها مثيرات.

2 – الضحك: هو فعل تحكيه أصوات تتباين تبعا للمعنى الذي تؤدى ويعكسه الإيقاع والنبرة.

3 – البكاء: هو صوت يصدر عن الأنسان عند الوقوع في نائبة.

4 – اصوات المكروبين والكدودين والمرضى: هي أصوات انفعالية تلقائية تصدر من المكروب أو المريض.

5 – اصوات النداء والطلب والدعاء: هي أصوات يتلفظ بها الأنسان كي يؤدى بها أغراضه ويقضى حاجاته.

6 – اشارة الصمت: والصمت هو قطع النطق ووقف التلفظ بالصوت.

إن المفاصل الصوتية سابقة الذكر هي أدوات يعبر بها عن المعاني وبفضل ذلك تكتسب صفه اللغة يدعم الحاقها مجموعه من الدعائم هي (الكلام – الألفاظ الصوتية – التواصل ونقل الأفكار – اللغة باعتبارها كل الوسائل الممكنة للتفاهم – الأصوات الطبيعية – البلاغة وأساليب تدخل اللغة).

أما عن أثر الصوت في النفس، فإن الصوت يؤثر في الدلالة أيما تأثير ولهذا يمكن تحديد المعنى على هدى الصوت المسموع وهي إشكالية نطرحها وتتبن في عده مسائل منها (حركة بناء الكلمة – صوت الكلمة – البناء والصياغة – تبادل أحرف الكلمة والجذر واحد). إن للصوت أثر فعال في النفس ويتخطى أثر الصوت الراحة الجسدية والنفسية إلى ضروب أخرى تتمثل في بعث النشوة في السامع ودفعه إلى النشاط كتأثير الموسيقى في الناس. والصوت لا يقل لذ هو أهمية عن غيرة من الحواس فهو عنصر هاما من العناصر التي يستخدمها الأنسان للتعبير عن حاجاته.


لغة البصر (رموز الأزهار بين الإشارة والعبارة):

توطئة: قد تدل زهرة أو نبتة عن مشاعر أنسان ما فينظر اليها نظرة إلى نفسه يبادلها الحس والشعور وتنقل الية الانفعال والأثر وتتعدد المواقف الخطابية والانفعالية التي تقف الزهرة أو النبتة موقف اللسان. أما عن دلالات الزهرة وعبارات الوردة والشجرة، فإننا نلاحظ أن مادة زهر تدل على الصفاء والحسن والضياء ومهما يكن من امر المادة اللغوية فان كلمة الزهرة (لم تكن وقفا على (الوردة) بل تعدتها إلى النبات وبذلك لم تعد دلالة الزهرة قاصره على نبات الزينة بل تجاوزته وللزهرة قيمة تعبيرية بالإضافة إلى قيمتها الجمالية مثل (الأس – البنفسج – الريحان – الزعفران – شقائق النعمان – النرجس – الننلوفر – الورد – الياسمين).


مرتكزات لغة الأزهار وثوابها:

بفضل قيمة الزهرة اللسانية نسبت لها اللغة وإضافة اللغة اليها ليس من باب الهزل بل قوه قول فصل تعضه الأدلة ومنها أن اللغة في أشكالها المختلفة تتولى التعبير عن الأفكار، وان الزهرة تكتسب صفة اللغة لأنها أداة تواصل وتعبير عن معان وأغراض ودلائل، إن الدلالة اللغوية للزهرة تنتمي إلى أنظمة الرموز الاجتماعية التي تقابل أنظمة الرموز المنطقية، كما أن اللغة لم تكن حكرا على الملفوظ والمخطوط. إن للزهرة قيمة ودلالة غير قيمتها الجمالية تتمثل في القيمة السيمائية التي تعبر بواسطتها عن معنى يرتكز في الذهن أو فكرة تعتمر في الجنان كما أنها أداة تواصل بين الناس مع بعضهم ولم يعد من الشك أن الزهرة تتكلم بالإشارة لا بالعبارة وتجيب بلسان الحال لا بلسان المقال. يجب فيها على الأنسان التنبه بإشارتها والإلمام بألفاظها حتى يستطيع التواصل وفهم الأخرين.


الخاتمة:

نستنتج مما سبق أن هناك عدة نتائج توصل اليها الكاتب تتمثل في (إظهار دور العرب الحضاري في بحث أثر الصوت ودلالته النفسية – التوصل إلى وجود حواس غير معروفة كالحاسة السادسة – الركون إلى أن اللغة لم تكن وقفا على الألفاظ المسموعة والكلمات المكتوبة المنظورة بل تتخطاها إلى الحواس الأخرى – الاهتمام بغير حاسة عند التواصل مع الأخرين – أراز المعاني المختلفة التي يؤديها الضحك وكذلك البكاء). ويتبن مما سبق أن اللغة هي مجموع من العلامات التي تحاكى الحواس فمنها المشموم والملموس والمذاق. وبالنتائج السابقة لا يجب على الفرد أن يقول إن فلانا اخرس لا يتكلم وان ذاك الحيوان أبكم فكل واحد منهم أن لم يعبر بلسانه عما يحتاجه فانه يعبر بالهيئة والحال عن كل ما يريده ويحتاجه.


تلخيص كتاب "اللغة والحواس" للدكتور محمد كشاش
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -