قد يعجبك

بحث عن ضغوط العمل وكيفية التعامل معها

بحث عن ضغوط العمل

سوف اتناول في هذا البحث موضوع ضغوط العمل وعلاقتها بالصحة النفسية، حيث أن هذا الموضوع يعد من أهم الموضوعات التي نالت اهتمام الباحثين في الآونة الأخيرة، حيث أن ضغوط العمل في بيئة العمل تعد من أهم السمات المنتشرة في العصر الراهن، حيث أنه يشهد تطورات وتغيرات سريعة في كافة المجالات في الحياة، ولقد أصبحت ضغوط العمل تشكل جزء من حياة الأفراد نتيجة التحديات المختلفة التي تواجه الأفراد في الوقت الحاضر، فإن ضغوط العمل منتشرة على مستوى مختلف المجتمعات وعلى الأخص في بيئة الأعمال التي تتطلب من القائمين عليها التفاعل المباشر مع الآخرين. ولا شك أن هناك ثمة علاقة بين ضغوط العمل والصحة النفسية للأفراد، حيث أن تلك الضغوط تتسبب في شعور الأفراد بالكثير من الأمراض النفسية مثل التوتر والاحتراق النفسي الذي يتمثل في حالات التشاؤم واللامبالاة وعدم دقة الأداء أو سوء التوافق بشكل عام.

وبناء على ذلك فإن ضغوط العمل يمكن أن تتحول الى مشكلات نفسية لدى الأفراد الذين يتعرضون لتلك الضغوط، والتي تمثل خطورة في بعض الأحيان على الأفراد، خاصة وأن هناك دراسات عدة ربطت الضغط الزائد بأعراض جسدية ونفسية ومهنية والتي أشارت الى أن الضغط المهني يترتب عليه حالات خطيرة وتأتي في مقدمتها أمراض القلب التي تتسبب في الوفاة، لذلك فإن خطورة هذه المشكلة تكمن في الآثار النفسية السلبية الناتجة عن ضغوط العمل التي تواجه الأفراد عند تعرضهم الى ضغوط مهنية عالية لا يستطيعون تحملها، مما تعرض صحة الفرد للكثير من المتاعب، وهذه العلاقة سوف أقوم بتناول أهم أبعادها من خلال هذا البحث، والله المستعان.


تعريف ضغوط العمل:

تعرف ضغوط العمل على أنها الظروف التي يتأكد فيها الفرد أن هناك عدم توافق بين قدراته الشخصية ومتطلبات عمله ووظائفه، ويكون ذلك بسبب ظروف الزمان والمكان والقيم والعادات المصاحبة للمكان فيؤدي ذلك إلى التأثير عليه بالسلب، مما يؤدي إلى اختلال الفرد جسديا ونفسيا وعمليا، ومن الممكن أن تكون هذه الظروف ناتجة عن طبيعة عمل الفرد أو بسبب زملاء العمل وتدخلهم في عمله، مما يؤثر عليه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ويعرف "ماك جراف" الضغوط بأنها: "إدراك الفرد لعدم قدرته على إحداث استجابة مناسبة لمطلب أو مهام، ويصاحب هذا الإدراك انفعالات سلبية كالغضب، والقلق، والاكتئاب، وتغيرات فسيولوجية كرد فعل تنبيهي للضغوط التي يتعرض لها الفرد". ويعرف سيلي الضغط على أنه "استجابة الجسم غير المحددة نحو أي مطلب يفرض عليه". فيما قام الدكتور فاخر عاقل بتعريف الضغط على أنه "حالة من التوتر النفسي الشديد"


تعريف الصحة النفسية:

عرف (حامد زهران وفيوليت إبراهيم) الصحة النفسية بأنها عبارة عن "حالة دائمة نسبيا، ويكون الفرد فيها متوافق نفسياً (شخصيا وانفعاليا واجتماعيا أي مع نفسه ومع بيئته) ويشعر فيها بالسعادة مع نفسه، ومع الآخرين، ويكون الفرد قادر على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وإمكانياته لأقصى درجة ممكنة، وقادر على مواجهة مطالب الحياة، وتكون شخصية متكاملة وسوية، ويكون سلوك الفرد عادي بحيث يعيش في أمن وسلام.


دراسات سابقة عن ضغوط العمل:

1- دراسة على عسكر: حول مدى تعرض العاملين لضغوط العمل في بعض المهن الاجتماعية

هدفت هذه الدراسة الى مقارنة درجة الضغوط التي يتعرض لها العاملين في مهنة التدريس و العاملين بالصحة، والخدمة النفسية والاجتماعية، وتوصل الباحث في هذه الدراسة الى وجود فروق ذات دلالة احصائية بين بعض المهن برغم اختلاف المتوسطات بينهم، ولم تظهر أي فروق دالة حول المتغيرات الديموغرافية عدا متغير الجنس حيث اتضح أن الاناث أكثر تعرض للضغوط المهنية من الذكور في بعض المهن، كما اتضح أن المتزوجين أكثر تعرض الى الضغوط من غير المتزوجين وخاصة في مجال الصحة والخدمة الاجتماعية، وفيما يتعلق بالأعراض النفسية اتضح أن هناك 43% يعانون من الصداع، و52% يشعرون بالإرهاق، وهناك 20.2 يشعرون بعدم الأمان الوظيفي، كما اتضح أن العاملين في مجال الصحة هم الأكثر تعرض الى الارهاق والشعور بعدم الأمان الوظيفي.



2- دراسة عبد الرحمن سليمان الطريري (1993): مصادر الضغط النفسي وعلاقته بخصائص وسمات الشخصية

هدف هذه الدراسة الى التعرف على مصادر الضغط النفسي لبعض قطاعات العمل في السعودية، وتم اجراء الدراسة على 84 موظف في القطاع الحكومي، واتضح أن أهم مصادر الضغط تتمثل في ظروف الحياة الخاصة وعلاقات العاملين مع الآخرين، كما اتضح أن الأفراد العاملين في قطاع الصحة والتعليم يعدون أكثر عرضة للضغط، وتبين أن ذوي أعلى المؤهلات وأقل المؤهلات حصلوا على متوسطات عالية متقاربة بالنسبة الى الشعور بمشكلات نفسية ناجمة عن العمل.



3- دراسة أحمد، وآخرون (1995): الضغوط النفسية التي يتعر لها الممرضين في وحدات العناية الحثيثة

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على العوامل الرئيسية التي تسبب ضغوط العمل بالإضافة الى التعرف على الاثار النفسية المترتبة على تلك الضغوط، وتألفت عينة البحث من 3 مجموعات، حيث أن المجموعة الأولى شملت 50 ممرض وممرضة بوحدات العناية المركزية، والمجموعة الثانية شملت 20 ممرض في وحدة الكلية الاصطناعية، والمجموعة الثالثة شملت 50 ممرض في وحدات الباطنية والجراحة، وتوصلت الدراسة الى أن المجموعة الأولى تواجه ضغوط أعلى من المجموعتين الآخرين، وفيما يتعلق بالآثار النفسية اتضح أن ممرضي المجموعة الأولى يعدون الأكثر شعور بالقلق والاكتئاب وسوء التوافق.



4- دراسة شوقيه إبراهيم (1993): الضغط النفسي لدى الفئات الخاصة ومعلمي التعليم العام

تكونت عينة الدراسة من 80 معلم من معلمي الفئات الخاصة، و100 معلم بالتعليم العام وقد بينت نتائج الدراسة أن معلمي التربية الخاصة أكثر ضغوطًا من معلمي التعليم العام كما كشفت عن وجود ارتباطًا سالبًا بين مدة خبرة المعلم والضغوط النفسية لمهنة التدريس، وقد تبين أن المعلمين الأكثر ضغوطًا هم الأكثر اضطراب في علاقاتهم بالتلاميذ والزملاء وإدارة المدرسة، واتضح أن أهم مصادر ضغوط مهنة التدريس هي علاقة المعلم بطلابه وبزملائه وبإدارة مدرسته، وصراع وعبء الدور واتجاهات المجتمع نحو هذه المهنة.


نتائج البحث عن ضغوط العمل:

1- من المؤكد أن ضغوط العمل توثر بالسلب على نفسيه العاملين والتي توثر بالسلب على علاقاته بالآخرين كالحزن والكأبة وعدم الثقة في الآخرين والوصول إلى درجه اللامبالاة.

2- قد تؤثر ضغوط العمل على الأفراد فتصيبهم ببعض الأمراض والاضطرابات الفسيولوجية بسبب اقتران الضغوط بالاضطرابات ومن هذه الأمراض الصداع النصفي وضغط الدم والأزمات القلبية وسكر الدم.

3- قد توثر ضغوط العمل على سلوكيات الفرد فتتغير بعض عاداته وسلوكياته وفي الغالب تكون هذه التغيرات بالسلب وتكون لها أثار ضاره على الفرد ومن امثله ذلك التدخين بكثره، الارق، العدوانية في التعامل، عدم الالتزام بالقوانين المهنية وقد يؤدي إلى عدم الالتزام بقوانين البلاد، فقدان الشهية.


العلاقة بين ضغوط العمل والصحة النفسية:

من خلال النتائج السابقة التي قمت باستنتاجها فقد اتضح أن ضغوط العمل لها علاقة مباشرة بالصحة النفسية للأفراد، حيث أن الأفراد الذين يتعرضون الى ضغوط متعددة في أعمالهم المختلفة يصابون بشكل أو بآخر بأمراض نفسية نتيجة عدم تحملهم ضغوط العمل التي تقع على عاتقهم، وهذا ما أسبتته الدراسات والأبحاث في هذا الشأن، وهو نتيجة لتحمل العاملين الى ضغوط عمل مرهقة ومتعبة بشكل يفوق تحملهم مما يؤثر سلبياً على صحتهم الجسدية ومن ثم على الحالة النفسية لديهم فيشعرون مع زيادة هذه الضغوط بالاكتئاب والشعور والقلق المرضي وقد ينتابهم حالة من الإحباط واللامبالاة، وعلى ذلك فإن الحالة النفسية أو الصحة النفسية للأفراد تتأثر بشكل مباشر بحجم ضغوط العمل التي يتعرض لها العاملين في أعمالهم باختلاف نوعية العمل الذي يمارسونه.


كيفية التعامل مع ضغوط العمل:

هناك بعض من التوصيات يجب الأخذ بها لتجنب ضغوط العمل:

1- يجب على المنظمات أن تحسن معامله العاملين بها سواء من حيث الحوافز التشجيعية وإعطاء كل ذي حق حقه على حسب مجهوده.

2- يجب أن يكون هناك جو من الألفة والمحبة بين العاملين وان يكون هناك مقابلات اجتماعية وأسرية بين العاملين لكي تتوطد العلاقات حتى اذا كان هناك ضغط في العمل سوف يتشاركون ويتعاونون حتى يقوموا بتخطي تلك الضغوط.

3- أن تقوم المنظمة بإعطاء المسئوليات على حسب القدرات فلا يجب على منظمه العمل أن تعطي العامل فوق طاقته لان ذلك سوف يوثر على قدرتهم على الانتاج.

4- على الحكومة وضع القوانين واللوائح لكي لا يشعر العامل بالضغط ويؤثر ذلك على الاقتصاد القومي.


الرأي الشخصي فيما يخص ضغوط العمل:

أري من وجهة نظري الشخصية أن الضغوط التي تقع على العاملين تؤثر على صحتهم النفسية بشكل كبير مما يؤثر كذلك على انتاجهم وأدوارهم المهنية التي يقومون بها، ولذلك فإنني أرى أنه ليس من مصلحة أصحاب العمل بأن يفرضون ضغوط العمل الكثيرة على العاملين لديهم حتى يمكنوهم من الانتاج بشكل أكبر وأفضل جودة، حيث أن راحة العامل النفسية هي العامل الأول في عملية الانتاج والجودة والدقة في العمل، وعلى العكس فإن كثرة ضغوط العمل تؤثر سلبياً على دقة العمل وحجم الانتاجية لدى العاملين نظرا لتأثر صحتهم النفسية التي تعد من أهم عوامل النجاح على المستوى الفردي.

وأرى أن هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى ضغوط العمل ومنها غموض الدور الناتج عن عدم وجود معلومات كافية عن الوظيفة التي سيشغلها العامل، وكذلك عبء الأعمال الذي يشغلها الفرد حيث أن كثرة اسناد الأعمال الى العامل وتكليفه بها في وقت محدد بشكل لا يتناسب مع كفاءته وقدراته تؤدي الى عبء كبير وضغط عمل أكبر على العامل، بالإضافة الى شعور العامل انه لا مجال لفرصة ترقيته من مكان إلى أخر ويؤدي ذلك إلى عدم تطوره وظيفيا وعدم حصوله على راتب أعلى، فيعتبر ذلك سببا في حدوث ضغط عمل لديه لآنه في تلك الحالة لن يستطيع أن يحقق ذاته مما يشعره بالدونية والاحتكار ويتسبب له في مشاعر الحقد والكراهية، وكل ذلك وغيره ما يجب أن نتصدى له من أجل تخفيف ضغوط العمل على العمال ومن أجل تحسين انتاجية العمل من خلال راحة العمال النفسية وتمتهم بصحة نفسية جيدة.


الخاتمة:

في ختام بحثي هذا أود أن أؤكد على أهمية الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين من أجل الحفاظ على مستوى انتاجيتهم ورضائهم الوظيفي وشعورهم بالانتماء الى المؤسسة التي يعملون بها، حيث أنه قد اتضح لي من خلال هذا البحث أن الصحة النفسية هم أهم عامل من عوامل الانتاج والنجاح الوظيفي لدى العاملين، وذلك يتحقق من خلال التخفيف من ضغوط العمل التي يتعرضون لها العاملين، حيث أن هناك علاقة عكسية بين ضغوط العمل والصحة النفسية، وذلك يتضح مع الصحة النفسية للعاملين تسوء مع زيادة ضغوط العمل عليهم والعكس صحيح.


بحث عن ضغوط العمل وكيفية التعامل معها
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -