هناك الكثير من الأفراد الذين يدعمون التعصب الديني بين الناس في المجتمع للحصول على مكاسب مادية أو اجتماعية أو سياسية من وراء هذا التعصب، ولعلمهم أن التعصب الديني قادر على تحطيم المجتمع وتمزيق أوصاله والقضاء على الدولة تماماً من مختلف الجوانب سواء الاجتماعية أو السياسية وهو يقضي على كل محاولات النمو والتقدم في الدولة.
مفهوم التعصب الديني:
تعريف التعصب اصطلاحا: يمكن أن نقوم بتعريف التعصب على أنه شعور داخلي يسعي نحو جعل الإنسان يتشدد فيري أن ذاته دائماً على حق ويرى الآخر على باطل بلا أي حجة أو برهان. ويظهر ذلك في شكل ممارسات ومواقف متزمتة ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته.
أنواع وأشكال التعصب الديني:
هناك الكثير من أنواع وأشكال التعصب ومنها:
1. التعصب الديني والطائفي: وهو من أخطر أنواع التعصب الموجود في العصر الحالي، وهو الانحياز لجماعة دينية وفكر ديني معين وتكفير باقي الجماعات والأفكار الدينية الأخرى.
2. التعصب الفكري: وهو التفكير من جانب واحد وعدم التقبل للرأي الآخر مهما كان صحة هذه الآراء والأفكار.
3. التعصب الرياضي: وهو الحب الشديد لنوع من الرياضات أو تشجيع فريق من الفرق، دون تقبل الأندية الأخرى أو الجماهير التي تشجع تلك الأندية.
4. التعصب للنوع الاجتماعي: مثل تعصب الرجال للرجال أو النساء للنساء، مع تجاهل مبدأ التقوى والكفاءة والموهبة، وهذا النوع من التعصب سائد بشدة في الدول النامية.
5. التعصب الطبقي: وهو تعصب الأغنياء وتكبرهم على التعامل والاحتكاك بالطبقات الاجتماعية الأقل منهم سواء المتوسطة أو الفقيرة.
6. التعصب العرقي: وهو التعصب على أساس لون البشرة.
أسباب التعصب الديني:
1. نجد أن من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى وجود تعصب ديني ومذهبي هي عدم الاعتصام بجماعة المسلمين والي يعد عنصر أساسي من عناصر الدين الإسلامي كما أنه أصل من أصول الدين الإسلامي ويقوم على والتنازع في العديد من المسائل الفرعية التي بين مذهب وأخر.
2. نجد أن من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى وجود تعصب ديني ومذهبي هو الإعراض عن الوحي وعدم قيام العديد من المسمين بالانتفاع بشكل كبير بالقرآن الكرين والسنة النبوية والاستغناء عنهم بما يقوله العلماء ممن لا يعتدون لديهم خبرة في الدين أو يقومون بالتطرف.
3. الانتصار للمذاهب بالأحاديث الضَّعيفة والموضوعة، كما أن هناك فئة تقوم على الميل أكثر إلى الآراء الفاسدة، والابتعاد عما صح في الدين الإسلامي وترك ما صح وثبت من الأحاديث النبوية الشريفة. وقد قال الله في كتابه العزيز وقال تعالى:﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (النور: 63[6]).
4. كثير من الناس تقوم بالانحراف عن المعايير الخاصة بالعدالة فكثير من ينتمون غلي دين معين يقومون بالإيمان بالدين بشكل كامل بدون أي تحكيم للعقل.
5. كما أن التعصب الديني تغلب بشكل كبير على مفهوم المواطنة للدولة فنجد أن كثير من الناس فأصبح هناك فئات داخل المجتمع تقوم على الدفاع عن حقوق طائفتها أو دينها بغض النظر عن اشتراكهم في الانسانية أو الجنسية الواحدة بالإضافة إلى ضعف الثقة بالنفس والرهبة من الاجتهاد.
6. كما أن جهل الكثير من الناس بأصول الدين الذي يتبعونه وقواعده واصوله وقواعده يعتبر من ضمن أسباب التعصب فيعتبر هنا التمسك بالدين يعتبر سطحي فمن بنظر إلى الدين بهذا الشكل يعتبر غير متوغل في أصول الدين.
7. نجد أن عدم تقبل الأخر يعتبر مشكلة كبيرة تواجه المجتمعات التي تعاني من التعصب فنجد أن هناك نظرة تآمريه تقوم على النظر إلى المخالف له في العقدية أو المذهب نظرة العدو دون أن يكون هناك انتباه أن الطرف الأخر له فكر مختلف سواء ديني أو مذهبي أو فكري أو سياسي.
8. ونجد أن من ضمن أسباب التعصب هي شخصية الشخص فغنه من الممكن أن يكون الشخص بطبعة متعصب وبالتالي فإن جميع أفكاره تعتبر متعصبة سواء من الناحية الدينية او العقائدية أو الفكرية أو السياسية بالإضافة إلى اختلاف الرغبات والشهوات والأمزجة.
9. يعتبر الفقر والجهل من الأسباب الرئيسية التي تسبب انتشار التعصب في المجتمعات والتي يمكن من خلالها التأثير على عقول الأفراد وادخالهم هذا النفق المظلم من التعصب الديني.
النتائج المترتبة على التعصب الديني:
إن للتعصب المذهبي والديني آثاراً مدمرة على الدعوة الإسلامية تتمثـل في:
1. نجد أن من أول الأثار هي حدوث فرقه في الدين والخصومة وقد قام القرآن الكريم من أن يحدث أي فرقة أو اختلاف فينتج عنه خصومة وذلك من خلال الآية الكريمة (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جـاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (آل عمران: 105) فنجد أنه عندما ينشأ خلاف ديني أو فقهي يؤدي إلى التفرق في الدين.
2. وجود حالة عدم توحد الفتاوى والمرجعيات الفقهية وبالتالي يحدث فوضي فقد قال الله تعالي في كتابه العزيز (ولا تقولـوا لمـا تصـف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) (116:النحل). وبالتالي فإن كثرة الفتاوي التي تحلل وتحرم تؤدي إلى وجود تعصب ديني ومذهبي وبالتالي يحدث نزاع وشجار بين المسلمين.
3. استخفاف بمقام ومكانه العلماء ودورهم داخل المجتمع وبالتالي اختلاف الأدوار وذلك من خلال أن يقوم الفاسد بإمامه الناس ويتصدر مجلس العلم والفتوى من ليسوا أهلاً لها بالتالي يحتار الناس ويختلفوا وتزداد أمراض القلوب.
4. كما أن نتيجة التعصب الديني من الممكن أن يكون هناك قتل لروح الإبداع لدي كثير من الناس فوقوع الاختلاف الفكري من الأمور المعهودة منذ عصر النبي عليه صلوات الله وسلامه حيث أن الإسلام يقوم على تحرير العقل ويقوم على رفع قدر العلم والعلماء.
5. ينتج عن التعصب الديني تشويه صورة الإسلام بالتعصب والتطرف فقد قال: (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي أخرجه مسلم عن ابن مسـعود رضـي الله عنه: (هلك المتنطعون، قالها ثلاثاً، والمتنطعون: المتعمقون المتشددون في غيـر موضـع التشديد).
6. يؤدي التعصب الديني إلى القتل والاقتتال وإهلاك الحرث والنسل وهذا ما يخالف الدين الإسلامي حيث أن الدين الإسلامي يدعو غلي الخير والعمل في جماعة وليس إلى التفريق ويقوم على بناية الأمه وليس هدمها وبالتالي فهو دين يؤلف بين القلوب ولا يفرقها.
7. التعصب الديني قادر على القضاء على كافة محاولات النمو والتقدم في المجتمع.
دور المجتمع والدول للقضاء على التعصب:
هناك دور هام ورئيسي للمجتمع الراغب في الاستقرار والنمو، في المحاربة الدائمة والجادة لكل أشكال التعصب في المجتمع وخصوصاً التعصب الديني لما له من دور هام وفعال في القضاء على الدول ومستقبلها، ونري ذلك في العديد من الدول النامية ومنها بعض الدول العربية التي أدي التعصب الديني للقضاء على تلك الدول وتفتتها، وقتل الألاف من شعوبها وتشريد الالآف من الأفراد نتجة الحروب الناتجة عن هذا التعصب الديني، وبالتالي يجب على الدول التكاتف مع بعضها لمحاربة هذا النوع من التعصب الأعمي الذي يقتل كل شئ حي في سبيل تحقيق الأهداف التي يسعي لها دون مراعاة للأنسانية ولا للدين الذي يتحدث عنه ويعتبر نفسه المتكلم الوحيد باسمه بين البشر، ويعتبر التعليم من العوامل الهامة التي يمكن من خلالها محرابة كافة أنواع التعصب المعروفة، لما له من قدرة كبيرة على نشر التوعية بين الأفراد وخصوصاً الأطفال بكيفية مواجهة التعصب بكافة أشكاله، كذلك نشر التوعية الدينية في المجتمع من العوامل الهامة التي من شأنها محاربة التعصب الديني للأفراد. ولقد حرمت كل الأديان السماوية التعصب بكافة أنواعه وأشكاله، فالدين الاسلامي حارب التعصب بكافة أشكاله، ولقد حذر سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) من التعصب الديني ووضح الطرق والوسائل التي يجب على المسلمين اتباعها لمحاربة التطرف والتعصب.
المراجع:
1. الدكتور محمد فتحي الدريني _ الفقه الإسلامي المقارن _ منشورات جامعة دمشق_ ط2_ 1992.
2. الدكتور محمـد فتحـي الـدريني _ المناهج الأصولية في الاجتهاد في الرأي في التشريع الإسلامي_ الشركة المتحدة للتوزيع_ط2 _ 1985م..
3. رسالة "هل المسلم مُلْزَم باتباع مذهب معيَّن من المذاهب الأربعة؟" لمحمد سلطان المعصومي الخجندي
4. رواه البخاريُّ (378) كتاب الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، ومسلمٌ (411)، كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، من حديث أنس بن مالك.
5. محمود كرم _ التعصب الديني وصناعة الكراهية _ الحوار المتمدن _ العدد 2082_ 2007.