قد يعجبك

تحليل قصيدة "بلقيس" للشاعر نزار قباني

تحليل قصيدة بلقيس لنزار قباني

تمهيد عام عن قصيدة بلقيس:

يعتبر الموضوع الذي سوف نتطرق إليه من الموضوعات الهامة حيث أننا سوق نقوم على قصدية من أروع القصائد التي قام بكتابتها نزار قباني، فنجد أن النقاد اختلفوا حول تلك القصيدة فمنهم من قام بمدح نزار قباني ومنهم من قام بذمه حيث أن قصدية بلقيس تعتبر من القصائد الرثائية التي يقوم فيها برثاء زوجته وحبيبة عمره ورفيقه كفاحه بعدما قتلت.

حيث كانت القصيدة مليئة بالعديد من المعاني الشعرية العظيمة، فيعتبر الشعر الرثائي من أعمق أنواع الشعر حيث أنه يمتلئ بالحزن والتعاطف مع الشاعر، وتعتبر قصيدة بلقيس من القصائد التي تقوم على رثاء الزوجة التي تتسم بقدسيتها في حياة نزار قباني حيث يشيد بها، حيث كانت بلقيس زوجة نزار قباني تعمل في السفارة العراقية في بيروت وقد توفى في السفارة العراقية في عام 1981م. وقد أثرت تلك الوفاة في حياة نزار قباني بشكل كبير وتركت أثر في نفسه ومن ضده حبه لها وتعلقه بها قام بكتابة تلك القصيدة الرائعة التي سنتناولها.

وتعتبر قصيدة بلقيس من القصائد الطويلة التي قام بكتابتها نزار قباني وهي إحدى الرسائل الحزينة التي قام بكتابتها لكي يقوم برثاء زوجته، ومن خلال تلك القصيدة سوف نقوم على التعرف على أسلوب الكاتب في القصيدة، وكيف أن الخيال قد أثر بشكل كبير على القصيدة، وسوف نتعرف على التشبيه الذي قام بها نزار قباني داخل القصيدة.


ظروف كتابة قصيدة بلقيس:

بعد أن فشل نزار قباني في زواجه الأول قام بالزواج من بلقيس وهي عراقية الأصل وكانت تعمل في السفارة العراقية في لبنان وكان يعمل في وقتها في الدائرة الصحافٌية للسفارة العراقيٌة. وأنجب نزار قباني من بلقيس الراوي ابن وأبنه وهم زينب وعمر، وفي عام 1981 حدث انفجار كبير في السفارة العراقية وتوفيت على أثرة زوجته وتركت به جرح كبير كما أنها تركت مساحة كبيرة في قلبه ولم يستطع أن يقوم بالحب مرة أخري بعد وفاتها ومن شدة حبة لها وتقديره لها قام بعمل تلك القصيدة والتي أطلق عليها اسمها. حيث أن قصيدة بلقيس تعتبر من القصائد الشعرية الحزينة التي قام بكتابتها نزار قباني بعد وفاة زوجته وكانت أول من يرثيه نزار فقد كان يبكيها بكاءً حاراً ويقوم بوصف رثائه بكل دقة ولكنه يقوم ببدأ قصديته بالتهكم وهجاء الأخرين والتهكم على الأخرين.


شرح قصيدة بلقيس:

يود نزار قباني في بداية القصيدة بالتعبير عن تهكمه وسخريته من العالم حيث أن حزنه على زوجته جعله يقوم بالبوح بشكل وأسلوب تهكمي مؤسس على أساس الكراهية والألم ممن أودوا بحياة زوجته فقد افتقد نزار شخص يحبه بشكل كبير وبالتالي يقوم بشكر من قتل زوجته حيث أنها منذ أن تم قتلها وهي شهيدة في نظرة كما أنه حاول أن يتحدث من أجل أن يقوم بذكر التفاصيل الخاصة بزوجته ولكن فاضت عواطفه شجناً فحاول أن يقوم بكشف الوجه الأخر لمن قتل زوجته.

فقد قام نزار زوجته أنها أنثى تحمل جميع معاني الأنوثة والجمال. كما أنه وصفها بأنها أعظم الملكات ولم يصمت نزار عند هذا الحد بل أنه وصفها أنها ليست انثى مثل جميع النساء كباقي النساء فهي السحر الجارف الذي يتداخل مع الأنثى.

كما أن من خلال القصيدة نري أن نزار قباني قد سخط السلطة وأظهر جحوده وسخطه من المسئولين وقام بوصف من قاموا بذلك الفعل بالهمجيين وأنهم بدون أي فائدة، وقام بوصفهم أنهم أصبحوا متهمين في نظر جميع الناس حيث تلوثت أيديهم بالدم وتحول السلام بين أيديهم إلى خراب ودمار وزرعوا الحقد والكراهية في نفوس الناس والمجتمعات بدلاً من أن يزرعوا السلام والأمان وكان يقصد بذلك العرب.

فقد وصف العرب بالهمجية والبربرية، حيث أن مدينة بيروت التي كان يحبها هو وأسرته أصبحت مكان أساسي للقتل حيث أنها هي التي قامت بتدمير أسرته وأصبح الموت يحفهم من جميع الاتجاهات ونجد أن هناك تناغم في القصيدة حيث أنها لا تخلو من التذكير بزوجته والتمجيد لها.

فقد كانت تلك القصيدة معبرة بشكل كبير عن حالته حيث أنها قتلت ملهمته الوحيدة التي كان يستلهم منها الكلمات والأن صار يشعر بالوحدة والعجز واليأس، وجاءت القصيدة لكي تقوم بالتعبير بشكل واضح عن جميع التفاصيل الدقيقة في حياة نزار وزوجته بلقيس والتي وجاءت مليئة بالألم والحزن.

فجاءت القصيدة لكي تعبر عن جميع المراحل التي تجمعه مع زوجته ويتذكر مراحل حبه بها في لحظات تبكيه وتؤثر فيه بشكل كبير، وجاءت الذكريات لكي تقوم بالإكمال عليه من خلال زيادة حزنه ويأسه والتي اختلفت بشكل كبير عن باقي القصائد التي قام بكتابتها.

فجاءت تحمل الحزن والألم من الفراق وجاءت ترثي سنين عمره التي عاشها معها الذي يتميز بالبلاغة وهو ما ميزها عن باقي القصائد وجاء قيامه بترديد كلمه بلقيس في القصيدة كاملة من أجل زيادة خرفاً وحباً وتقديراً لها وجعل القصيدة تتمتع بالبساطة والموضوعية وكأنها حوار بين اثنين أحباء، كما أن انفعال الكاتب يظهر بكل وضوح من خلال القصيدة سواء كان انفعال نفسي أو انفعال حسي.



تحليل قصيدة بلقيس من حيث (الأسلوب، الخيال، التشبيه):

أولاً تحليل الأسلوب:

امتاز أسلوب قصيدة بلقيس بالتكرار. جاءت القصيدة ممتلئة بالتكرار وظهر ذلك بشكل كبير في أول القصيدة وذلك يهدف إلى إثارة حالة معينة فهو يشير إلى الإلحاح على جهة معينة من أجل لفت الانتباه، كما أن التكرار يعتبر تكرار من أجل التأكيد.


تكرار الكلمات والحروف في القصيدة:

كما امتازت القصيدة بتكرار الحروف مما يزيد من التكثيف الصوتي. بينما جاءت تكرار الكلمات من أجل خلق نوع من التناغم والتأكيد على حالة معينة يريد أن يقوم بإيصالها الكاتب وكانت كلمة بلقيس هي أكثر كلمة يتم ترديدها داخل القصيدة.


تحليل الأسلوب الأمري في القصيدة:

وجاء أسلوب نزار قباني في تلك القصيدة ومن خلال بعض الأبيات لكي يتميز بالأمر وذلك من خلال البيت الشعري بلقيس، لا تتغيبي عني فهذا البيت به نوع من الأمر وهو نوع طلبي جاء ليدل على الإلزام ومن أجل الالتماس.


تحليل الاستفهام في القصيدة:

وجاء الاستفهام لكي يعبر عن أسلوبه اللغوي وجاء ذلك من خلال البيت التالي

بلقيس

كيف تركتنا في الريح..

نرجف مثل أوراق الشجر؟ وتركتنا -نحن الثلاثة- ضائعين

كريشة تحت المطر..

أتراك ما فكرت بي؟

وأنا الذي يحتاج حبك.. مثل زينب أو عمر

بلقيس.


ثانيا تحليل الخيال في القصيدة:

فقبائل قتلت قبائل

عبارة عن استعارة مكنية خيالية تقوم على إظهار القبائل أنها تقوم على اكل قبائل أخري وهي من الأمور المستحيلة التحقق، حيث حول الشاعر هنا القبيلة كحالة غريزية إلى كائن حي يقوم على ممارسة الأكل بشكل حيواني وهو يفيد التجسيم.

تذبحني التفاصيل الصغيرة في علاقتنا..

وهنا يوجد أيضاً استعارة مكنية خيالية حيث أنه قام بتشبيه الذكريات على أنها آله حادة تقوم على ذبحه ووصف التفاصيل كأنها كائن حي يتم ذبحه بدون أي رحمه أو شفقه.


ثالثاً تحليل التشبيه في القصيدة:

يري كثير من الشعراء أن التشبيه يعتبر نوع من أنواع الأبداع اللغوي حيث أنه يتميز بالدقة والجودة حيث يتم تشبيه المشبه بالمشبه به وتصوير الأشياء بطريقة واضحة.

ونلاحظ أن هناك صور بيانية كثير داخل النص فنجد أن قصيدة بلقيس لنزار قباني يوجد بها العديد من الصور حيث أنه يقوم بالتشبيه المفرد وذلك من خلال:

بلقيس

كيف تركتنا في الريح..

نرجف مثل أوراق الشجر؟ وتركتنا -نحن الثلاثة- ضائعين

كريشة تحت المطر..

فقام الشاعر باستخدام أداة التشبيه مثل وحرف التشبيه ( الكاف ) فهو يشبه نفسه وأبنائه وعمر وزينب بأوراق الشجر في يوم ملئ بالعواصف وبالريشة في يوم كلئ بالأمطار وهذا التشبيه نوع من أنواع التشبيهات المحسوسة.

وجاء تشبيه أخر في البيت التالي

لكنهم.. تركوا فلسطين

ليغتالوا غزالة.!!

وهذه الأبيات جاءت لكي تقوم على توضيح الصورة على هيئة تشبيه مجمل ٌشبه الشاعر زوجته بالغزال التي يتقنص لها الصياد ليصطادها فالتشبٌيه هنا تشبٌيه الشيء بالشيء من حيث المعني لا الصورة فقد قام بتشبيه زوجته بالغزالة من حيث الرقة والبراءة. كما امتازت قصيدته بالاستعارة المكنية وذلك من خلال البيت الشعري:

قتلوك يا بلقيس

أية أمة عربية

تلك التي

تغتال أصوات البلابل

فهذه الصورة عبارة عن استعارة مكنية تقوم على التشخيص أو التجسيم من خلال
أنها تقوم على توضيح صورة البلابل على أنها شخص مطارد من أجل اغتياله والمقصود بالبلابل هن هو زوجته بلقيس.


المراجع:

1. شوقي ضيف_ الرثاء _ ط1_ دار المعارف _ القاهرة _ 1990.
2. عبد العزيز سالم _ شعر الرثاء العربي واستنهاض العزائم _ ط1_دار القلم _ بيروت _ لبنان _1999.
3. لطفي عبد البديع _ التركيب اللغو للأدب _ ط1 _ مطبعة السعادة _ 1972.
4. نازك الملائكة _ قضايا الشعر المعاصر_ ط5_دار العلم للملايين _ بيروت _1980.
5. نزار قباني _ من أوراقي المجهولة _سيرة ذاتيه _ط2_ بيروت _ لبنان _1990.
6. نزار قباني _قصتي في الشعر (سيرة ذاتية) ط1_بيروت_1973.


تحليل قصيدة "بلقيس" للشاعر نزار قباني
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -