لقد ساس النبي (صلى الله عليه وسلم) العرب، ودعاهم وعلَّمهم وأحسن تربيتهم؛ مع قسوة قلوبهم وخشونة أخلاقهم، فتحمل النبي (صلى الله عليه وسلم) ما هم فيه من جفاء، وصبر منهم على الأذى، حتى كانوا خير أمـة بعد أن لم يكن لهم قيمة ولا وزن {وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} سورة ال عمران الآية 164 فقد تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع العرب بالرفق والرحمة، وحسن التأني الثناء، والتشجيع، التبسط وإزالة الحواجز، الإقناع. إن السيرة النبوية الشريفة، هي من أعطر وأشرف ما يمكن التحدث عنه ولقد دعي القرآن الكريم إلى دراسة وفهم السيرة النبوية الشريفة للتعرف على حياة أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) فالفترة التي عاشها الرسول من أشرف وأطهر الفترات التي عرفتها الأرض منذ خلقها الله عز وجل، فلقد شهدت تواجد اعظم وأطهر وأشرف مخلوقات الله واقربهم إلى الله عز وجل، والتعرف على سيدنا محمد ( صلي الله عليه وسلم) يساعد المسلم في الثبات على إيمانه وبالتالي يجب على كل مسلم موجود في الحياة دراسة السيرة النبوية للتعرف على حياة الرسول بشكل صحيح وبشكل يثبته على إيمانه، والفهم السليم للقرآن الكريم، وتعتبر الأحاديث النبوية من أهم المصادر التي يمكن من خلالها التعرف على الدين الاسلامي وعلي تعاليمه وفقًا للعديد من المقالات عن الرسول والأقوال الدينية حيث يستطيع المسلم من خلالها التعرف على كافة أمور حياته، فهذه الأحاديث تبين الحق وما يحب اتباعه وما هو الباطل الذي لابد من اجتنابه في مختلف شئون الحياة.
أهمية دراسة السيرة النبوية:
لقد وضح العديد من علماء المسلمين في الكتب والمقالات أن تعلم السنة النبوية الشريفة هي فرض عين على كل المسلمين، ويجب عليهم تنفيذها لما لها من أثار ايجابية كثيرة في التعرف على حياة الرسول وعلي صفاته وعلي أخلاقه الشريفة والنادرة الوجود، فنبينا محمد قدوة لكل البشر وقدوة خاصة للمسلمين، فلقد نقل الإنسان والإنسانية كلها من الجاهلية، ومن الحياة التي يحيا بها عبثًا، إلى وجود هدف صريح ومحدد في الحياة وهو عبادة الله وتوحيده، ولقد وضح سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) الطريقة الصحيحة التي يجب اتباعها لعبادة وتوحيد الله عز وجل. لقد دعا القرآن الكريم المسلمين بالتفكر في الصفات التي كان يمتلكها سيدنا محمد، والتعرف على السيرة النبوية الشريفة تتيح لنا القدرة على التعرف على المنهيات والمحظورات في الدين وأيضاً التعرف على الأشياء المباحة في الاسلام، فالتعرف على الدين الاسلامي الصحيح يتم من خلال دراسة وفهم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة، فدراسة السيرة النبوية تتيح للمسلم التعرف على الفرائض والمبادئ الاسلامية الصحيحة، فالسيرة النبوية توضح وتشرح لنا كل شيء عن الاسلام من مختلف الجوانب التي يمكن أن تفيد البشرية، فالرسول الكريم قد وضح كل شيء في حياته من خلال تصرفاته وأقواله وأخلاقه والأعمال التي قام بها لخدمة الاسلام والمسلمين، ومن الخصائص التي أخص الله بها سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) أنه عصمه من الخطأ في الأمور التي تتعلق بالدين فكان لا ينطق عن الهوي أنم هو وحي يوحي له من الله عز وجل، وهو ما يدل على عظمة الدين الاسلامي وكماله في كل شيء.
من هو الرسول صلى الله عليه وسلم؟
هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم وينتهي نسبة الشريف إلى إسماعيل علية السلام وامه هي امنه بنت وهب وقد ولد الرسول الكريم بمكة في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الاول في عام الفيل 570هـ وهو العام الذي أراد أبرهة الحبشي هدم الكعبه المشرفة التي حماه الله منه وفي نفس العام توفي عبدالله والد الرسول اثناء خروجه في رحلة تجارية ولم يرى محمد وكان من عادت أشراف مكة أن يعهدوا بأبنائهم إلى نساء البادية ليقمن بارضاعهم وذلك ليكتسبوا قوى البنيان ورجاحة العقل والنطق بالفصحى فتولت حليمة السعدية أمر ارضاع النبي وقضي الرسول حياته الأولى في راعي الغنم إلى أن مات جدة الذي تولي أمر تربيته بعد وفاة أمه وهي في عمر الأربعة سنوات ثم خرج بعد ذلك للعمل بالتجارة مع عمه أبو طالب.
أبناء الرسول من خديجة:
تزوج الرسول عندما بلغ سن الخامسة والعشرين من السيدة خديجة بنت خويلد التي أنجبت للرسول (القاسم –وعبدالله)، ومن الإناث (رقية –زينب- أم كلثوم-فاطمة) واشتهر الرسول الكريم بالصدق والأمانة بين أهل مكة حتي لقب بالصادق الأمين وكان الرسول يخرج للتعبد في غار حراء قبل نزول الوحي وفي عمر الأربعين نزل جبريل علية السلام إلى الرسول في غار حراء وابلغه رسالة ربه بانه مبعوث هذه الأمه وقال له اقرأ قال له ما أنا بقارئ فضمه إلى صدره فقال له (اقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الأنسان من علق اقرأ وربك الإكرام الذي علم بالقلم علم الأنسان مالم يعلم ).
عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولقد وضحت لنا مختلف موضوعات السيرة النبوية أن ليس هناك عصمة من الخطأ لأحد من البشر، فسيدنا محمد كان معصوم ولكن في الأمور التي تتعلق بالوحي وبتعاليم الدين الاسلامي التي كان يوضحها، ولكن في الأمور الدنيوية كان يخطئ ويصيب مثله مثل كل البشر مع اختلاف المنزلة والشرف والتكريم لسيد الخلق والمرسلين، والسيرة النبوية الشريفة هي منهج يتبع في مختلف أمور وشئون الحياة، لذلك يجب التعرف على كافة التفاصيل والأمور التي كان يعيشها ويقوم بها وجميع التصرفات والأفعال التي قام بها الرسول في حياته، كما أن هناك مسئولية كبيرة على المسلمين بعد التعرف والتعلم للسيرة النبوية وتكون هذه المسئولية هي التطبيق الجاد والعملي لما يتعلمه من هذه السيرة النبوية، فأخلاق المسلمين هي الأخلاق التي عرفوها من سيدنا ومحمد وتصرفاتهم هي من تصرفات سيدنا محمد وحياتهم يجب أن تكون وفق الحياة التي عاشها، وهناك العديد من البشر الغير مسلم الذين عندما درسوا وتعلموا السيرة النبوية وعرفوا حق اليقن حياة وأخلاق وصفات يسدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) فكانت النتيجة الطبيعية دخولهم في الإسلام.
مراحل الدعوة الإسلامية:
لقد سارت دعوة الرسول على مرحلتين الأولي دعوة سرية والثانية دعوة جهرية وقد امن مع الرسول في البداية عدد قليل وتعرض الرسول ومن امن معه إلى إيذاء كبير من قريش حتي خرج الرسول من مكة هاربا هو وأبو بكر إلى يثرب من بطش قريش خاصة بعد أن اعلمه الله بمؤامرة قريش لقتلة وظل الرسول (صل الله علية وسلم) بيثرب فترة طويله إلى أن إعادة الله إلى مكة منتصرا بعد فتح مكة واستمرت الدعوة من مكة وعمل الرسول على نشر الإسلام خارج حدود الجزيرة العربية وقد استمرت مدة الدعوة السرية والجهرية ثلاثة وعشرون عام وعندما اطم الرسول ما قد بعثة الله من أجله توفي الرسول في 12ربيع الأول عام 11هجريا
دستور المدينة في عهد الرسول (ص):
بعد هجرة الرسول إلى المدينة قام بوضع دستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية. ولعلم النبي صلى الله عليه وسلم السابق بغدر يهود وخبثهم ومكرهم، سارع صلى الله عليه وسلم إلى إيجاد طريقة وحلّ أمثل تجعل من الطرفين المسلمين واليهود يعيشان في أمن وسلام ويسمح لهم أيضا بأن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء، ولكن في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده. ومن أهم بنود الدستور أو ما عرف بصحيفة المدينة التالي:
1- المسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة.
2- من خرج آمن ومن قعد بالمدينة آمن إلا من ظلم وآثم وأن الله جار لمن بر واتقي.
3- لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم.
4- لليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة
5- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم، وإن الله جار لمن برّ واتقى، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أفكار وأمثلة لنصرة الرسول:
1- يجب على كل شخص مؤمن بالله أن يحب رسول الله وأن يتبع سنته فهذا الأمر يعبر في مضمونة عن كمال الأيمان.
2- يجب على كل إنسان مؤمن ومؤمنة أن يتعرفوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن يقوم بدراسة سيرته الذاتية للإلمام بجوانبها ثم اتباعها.
3- يجب علينا كمسلمين أن نعرف الناس برسولنا الكريم ومواقفه الأخلاقية العظيمة، وأن نغير الصورة المشوهة التي يتخذها البعض عنه بهتانًا وذورًا.
4- يجب أن ندافع عن رسولنا الكريم ونقف أمام كل الحملات الشرسة الضالة التي تحدث الناس بما لم يفعل وتفتري عليه الكذب.
الخاتمة:
في ختام هذا المقال عن الرسول صلى الله عليه وسلم، نجد أنه من الأسباب الرئيسية تخلف المسلمين في العصر الحال هو عدم اتباعهم السيرة النبوية الصحيحة، والبعد عن دراسة وفهم ومعرفة السيرة النبوية الشريفة، أو من يقوم بالتعرف على السيرة النبوية يقوم بمعرفة سطحية لا يتعمق في التعرف على كامل حياة الرسول، كما أن هناك الكثير التقصير من جانب الدعاة والعلماء المسلمين في توعية الناس ونشر السيرة النبوية السليمة، وكان هذا الجهل بالسيرة النبوية وحياة الرسول وتصرفاته وأفعاله واخلاقه والمبادئ التي علمها للناس جميعاً، من أهم العوامل التي أدت إلى التخلف والتأخر الذي أصاب المسلمين في العصر الحالي. فتعلم المسلم للسيرة النبوية الشريفة تجعل المسلم على علم بأمور دينه ودنياه، وتقربه من الله، لذلك هناك دور هام على الأمة والدعاة التوعية بأهمية التعرف والتعلم بالسيرة النبوية بالطريقة الصحيحة التي تمكن المسلمين وغير المسلمين التعرف على حياة سيدنا محمد وعلي أخلاقه وأفعاله وتصرفاته والأحكام والتشريعات التي أنزلها الله والتي قام سيدنا محمد بتوضيحها في حياته بالطريقة الصحيحة والخالية من الأخطاء.