قد يعجبك

دور الأخصائي الاجتماعي في مؤسسات الإدمان

الأخصائي الاجتماعي ومؤسسات الإدمان

تعدّ مجالات الرعاية والخدمة الاجتماعية المتنوعة من المجالات التي تساهم في إيجاد حلول مناسبة للعديد من المشكلات الاجتماعية وتقديم العون والمساعدة للعديد من الفئات الداخلية في المجتمع، وهي بمثابة عنصر أمان وحل للمشكلات الإنسانية التي يتعرض لها البشر بما يساهم في تخطيها وذلك ما يجعل الخدمة الاجتماعية كمجال مناسب لترسيخ الخدمات المجتمعية لكافة الأفراد من خلال مهنة الأخصائي الاجتماعي في خدمة المجتمعات كافة والأفراد خاصة، لذلك يمكننا أن نعتبر مهنة الأخصائي الاجتماعي ومهمة العمل ضمن فريق الرعاية الاجتماعية أمر شديد الأهمية في علاج مشكلات اجتماعية خطيرة متصلة بالمجال الإنساني بشكل كبير، ويتضمن ذلك ما يتم ضمن العمل في فريق يقوم على استغلال المهارات والإمكانيات الخاصة بالأخصائي الاجتماعي من أجل مساعدة أفراد المجتمع، بما يشمله ذلك من اهتمام بالتأهيل لممارسي المهنة بشكل متميز يمكنهم من ممارسة المهنة بكفاءة.

ونظراً لما تمثله ظاهرة الإدمان من خطر كبير على المجتمع كأخطر وأعقد المشكلات الاجتماعية التي تواجه البشر في هذا العصر، كانت أسباب القيام بإعداد هذا البحث بحيث يتم تقديم دارسة وافية للتصدي لمشكلة ودور الخدمة الاجتماعية في العلاج والوقاية منها ومن أخطار الإدمان وانتشاره في المجتمع، وفي غالبية الأمر يؤدي الإدمان لارتكاب العديد من الجرائم مثل السرقة والقتل وذلك بغرض توفير قيمة المادة المخدرة بما يشكل خطر كبير على الأسر والمجتمعات وهو ما تحاول معظم الدراسات النفسية والاجتماعية على رصده وتحليله، وكذلك يمثل الاهتمام الحكومي فرصة لسن التشريعات اللازمة لتجريم ظاهرة الإدمان ووضع عقوبات رادعة لها. لذلك ولأن الإدمان مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد الأفراد والمجتمعات وتهز من استقرار الدول ينبغي أن يتم تقديم تسهيلات العلاج للمدمنين ورعايتهم اجتماعياً وتكثيف الجهود لدراسة حالاتهم ومساعدتهم على إعادة تأهيلهم للانخراط في المجتمع. وعليه سوف يركز البحث في مضمونه على خدمات ومجال الخدمة الاجتماعية وما تقدمه من رعاية للمدمنين بحيث يتم تقديمها بهدف رعاية المدمنين وتوفير المناخ الآمن لعلاجهم.


أهمية البحث:

إن أهمية هذا البحث تكمن في تناول موضوع في غاية الأهمية يربط بين مشكلة اجتماعية خطيرة هي مشكلة الإدمان وذلك من خلال رصد انتشارها وكيف الاستفادة من خبرات الباحثين وعلماء الاجتماع في علاج المدمنين الذين يحتاجون لرعاية اجتماعية خاصة تساهم في حل مشكلاتهم ودمجهم في المجتمع مرة أخرى والمحافظة على سلامتهم النفسية وضمان عدم انتكاسهم ويتمّ ذلك عبر ما يتمّ تقديمه من خدمات اجتماعية تستثمر في رعاية الأسرة والمجتمع، وهو ما يحاول البحث الوقوف عليه وسرد أسبابه ونتائجه عبر التعرف على دور الخدمة الاجتماعية في رعاية المدمنين ومحاولة حل مشكلتهم وتجنيبهم الانتكاس بعد تلقي العلاج والتعافي.


مفهوم الخدمة الاجتماعية:

يعرفها فريد لاندر بأنها:" ذلك النسق المنظم للخدمات الاجتماعية، والمنظمات التي تم تصميمها بهدف مدر الأفراد والجماعات بالمساعدات التي تحقق مستويات مناسبة للصحة، والمعيشة، ودعم العلاقات الاجتماعية، بشكل يشمل تنمية قدراتهم وتطوير مستوى حياتهم بانسجام يلائم حاجاتهم ومجتمعاتهم ". 


العمل مع جماعات في الخدمة الاجتماعية:

هي عبارة عن " تصور شامل لمختلف جوانب المجتمع الإنساني وعلاقاته وروابطه بما يشكل فلسفة خاصة بالمهنة تمثل التفاعل بين أفرادها واستخدامهم لأفكارها وطرق تطبيقها وهو أمر يحتاج لفترات زمنية طويلة ".

مبادئ العمل ضمن فريق في الخدمة الاجتماعية وخدمة المجتمع:

تتضمن تلك المبادئ المساعدات والضوابط للعمل داخل فريق كالتالي:

1- المساعدات الذاتية:

أبرز المبادئ للممارسة المهنية عبارة عن أفكار فلسفية تنبع عن فلسفات متنوعة منها الدينية ومنه الناتجة عن حركات اجتماعية وقد وجد الباحثون أن تقديم المساعدة لذوي الاحتياجات دون الانتباه للدور المطلوب في علاج المشكلات هو ما كان يؤدي إلى استمرارها، لذلك فإن المساعدة الذاتية للفرد تستطيع إشباع حاجاته ومعالجة مشكلاته عبر المساعدة الذاتية للجماعة بحل المشكلات والاجتماع على علاجها.

2- حق تقرير المصير:

الأخصائي الاجتماعي صاحب دور بارز وهام فهو تجسيد لرسالة الإيمان بحق الإنسان في اختيار الحياة التي يريدها والتي تتلاءم مع حاجاته وهذا ما معناه أن يتحكم الأخصائي الاجتماعي في العميل ويمارس دوره في توجيه العميل دون الاكتفاء بدور الإرشاد فقط.

3- حق المشاركة:

من الضروري أن يشارك العميل في حل مشكلته خاصة أن الأخصائي الاجتماعي يقدم خبراته الاستشارية التي تحاول الاستعانة بالإمكانيات الذاتية للفرد وقدراته للاستفادة منها.

4- التقبل:

إن هذا المبدأ يعدّ أساساً لعمل الأخصائي الاجتماعي خاصة أن تقبل العميل سواء كان فرداً أو جماعة أو مجتمع، فلا اعتبارات شخصية ولا تحيزات على مختلف الاعتبارات الجنسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والأخصائي الاجتماعي الذي يتم فيه التكليف باحترام العميل وتقبله وعدم التسرع في الحكم عليه.

5- حق السرية:

وهو ما يمكن أن ينفذه الأخصائي من ممارسة لمهارات ومبادئ عمل متصلة بالناس وبطبيعة عمله التي تجعله على الاطلاع على أسرارهم وعلاقاتهم وهو ما يتطلب أمانة الحفاظ على الأسرار،، وهذا المبدأ يساعد على بناء الطمأنينة لدى الأفراد وأسرارهم بشكل غير قابل للنشر.


مفهوم الإدمان:

الإدمان هو عبارة عن حالة غير طبيعية يمرّ بها الفرد بحيث تمثل حالة مرضية يمكن الشفاء منها ولذلك يمكن تعريفه على أنه " حالة مؤقتة أو مزمنة من السكر الضار بالفرد والمجتمع تترتب على التعاطي بشكل متكرر لعقار سواء كان مركباً طبيعياً أو صناعياً بشكل يجعل المتعاطي لديه رغبة دائمة في تناوله بشكل قهري وبشكل متزايد ومكثف في الجرعة فيصبح اعتماده عليه جسمي ونفسي بشكل كامل يجعل الجسم متكيف معه من خلال ما يجعله في حالة غير طبيعية عند محاولة الامتناع عن تعاطي المخدر خاصة مع ما يسببه من حالة نشوى وتشويق للتعاطي بحيث يظهر على المدمن أعراض اضطرابات نفسية وعضوية شديدة عند عدم تناول العقار بشكل مفاجئ يترتب عليه أعراض الانسحاب ".


دور الخدمة الاجتماعية في مؤسسات الإدمان:

الخدمة الاجتماعية بوصفها مهتمة بكافة المجالات الخاصة برعاية الإنسان كانت حريصة على توجيه الانتباه والجهود لرعاية المدمنين ومكافحة ظاهرة الإدمان والتعاطي للمخدرات بهدف إحداث تغيير إيجابي يساعد المدمن على تخطي وعكته وإعادة دمجه لمواجهة المجتمع، ويأتي ذلك في إطار دراسة كافة العوامل المسببة للتعاطي للمخدر، ودراسة ظاهرة الإدمان وحالات المدمنين بما تشمله من أنساق اجتماعية متفاعلة، ولذلك تمثل خدمة المدمنين، بما تشمله من محتوى للأنشطة المتبعة في معالجة التعاطي والإدمان خاصة عند التعامل مع المدمنين عبر تصميم وتقديم برامج العلاج لحالات الإدمان بكافة أشكالها وعلى مختلف الشرائح، وممارسة العمل الاجتماعي الخاص برعاية المدمنين عبر تطبيق أسس وقيم ومبادئ ومهارات الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المرضى المدمنين وأسرهم.

وتقوم الخدمة الاجتماعية بالعمل على كشف الضغوط والظروف الاجتماعية والبيئية التي تقف وراء دخول المدمنين دائرة الإدمان واستمرارهم فيها لذلك تعدّ رعاية المدمنين من مجالات الخدمة الاجتماعية الطبية التي يتم ممارستها من خلال الفريق الطبي والمؤسسات الطبية بطريقة مشتركة للوصول للاستفادة الكاملة من العلاج الطبي للمريض المدمن ثم مساعدته على التكيف في بيئته الاجتماعية وتقبل المجتمع له.


دور الأخصائي الاجتماعي في مؤسسات الإدمان:

إن الأدوار التي يلعبها الأخصائي الاجتماعي بوصفه عضو هام من أعضاء الفريق العلاجي والمسؤول عن كافة ما يتعلق برعاية المدمنين عديدة وهامة وتستهدف برامج التدخل المهني للرعاية الاجتماعية للمدمنين تركيز الخدمة الاجتماعية في تكامل تدخلها المهني على علاجهم ومراقبة بيئاتهم الاجتماعية. وينطلق العمل العلاجي للخدمة الاجتماعية في مجال الإدمان من مفهوم أساسي يتناول الإدمان بوصفه مرضاً اجتماعياً بدنياً نفسياً،و لذلك يكون عمل ومهام الأخصائي الاجتماعي في مجال الإدمان مندرجاً تحت بند التدخل المهني الذي تم إعداده له عبر المراحل الجامعية والتدريبية المختلفة على المستويين النظري والعملي، وعندما يلتحق الأخصائي الاجتماعي للعمل بالمستشفى يتم تدريبه على القيام بدوره كمعالج اجتماعي في مجال الإدمان وفقاً لبرامج تدريبية مكثفة يتعرف خلالها على طبيعة الإدمان وكيفية العمل مع المريض وأسرته والتعرف على مشكلات المدمن الاجتماعية وتأثيرها على حياته الشخصية والأسرية.

ويشمل دور الأخصائي الاجتماعي في رعاية المدمنين ما يلي:

1. القيام بإجراءات البحث الاجتماعي للمريض فور وصوله المستشفى وجمع المعلومات عنه.

2. مشاركة الطبيب النفسي في وضع خطة العلاج الاجتماعي للحالة المرضية.

3. الاشتراك في جلسات العلاج الجماعي وحضور الاجتماعات والندوات.

4. القيام بعمليات الفحص الاجتماعي لأسرة المريض.

5. إعداد البيانات الإحصائية والتقارير الأسبوعية والشهرية عن المريض.

6. المشاركة في الاجتماعات العلمية والأبحاث وورش العمل التدريبية.


دور المجتمع في رعاية المدمنين:

إن الوقاية خير من العلاج خاصة في حمايته من مشكلات الإدمان ومضاعفاته، لذلك يبقى دور الأسرة والمجتمع متضمناً رعاية وتوعية ورقابة، هذا إضافة للمجتمع بصفة شاملة بما يملكه من وسائل إعلام وفضائيات وبرامج من خلال منظمات حكومية أو غير حكومية حيث تتم التوعية من خلال إعداد حملات تستهدف علاج الإدمان وتوفير العلاج بكافة مستوياته بما يساهم في تطوير حالاتهم وانصرافهم عن العلاج، ويجب أن تشمل برامج التوعية في المؤسسات الاجتماعية القرى المختلفة والنائية والفقيرة.


الخاتمة:

إن العمل الاجتماعي والرعاية بما تشمله من مجالات مختلفة وتحديداً مجال رعاية المدمنين تتضمن العديد من الإجراءات العلاجية والاجتماعية خاصة أن الإدمان يوصف بأنه مرض اجتماعي، لذلك يكون هناك اهتمام دائم بالإعداد المهني للأخصائي الاجتماعي خلال فترة الدراسة للقيام بدوره في العمل الاجتماعي، حيث تحتاج مرحلة التوقف عن المخدّرات إلى المساعدة النفسية والاجتماعية، كما أن الأسرة تحتاج إلى قاعدة واسعة من الأنشطة والتوعية لتقوم بدورها تجاه المدمن بعد التعافي وضمان بقائه معافى في المجتمع بشكل طبيعي. ويمثل دمج المدمنين في المجتمع بعد الشفاء أمر خطير ومؤثر في تحقيق شفاء دائم وعدم نفور من المريض والمجتمع وتضييق الخناق عليه. ولذلك يبقى مجال رعاية المدمنين اجتماعياً مجال هام يجب جعله مؤسسي واجتماعي وأسري وطبي، والممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لا يمكن أن تتم إلا من خلال قيم مستمدة من مبادئ حقوق الإنسان بما تشمله مهارات الفريق الاجتماعي الشاملة عبر تطبيقها بوعي بمبادئ وأخلاقيات المهنة والمعاملات الإنسانية المباشرة ضمن العمل في فريق اجتماعي مرتبط بالإنسان وهو ما يجعل أفراده حريصون على تطبيق القيم وإرساءها في المجتمع.


دور الأخصائي الاجتماعي في مؤسسات الإدمان
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -