قد يعجبك

نقد الصورة النمطية للمرأة العربية في الإعلام من خلال فيلم "الزوجة الثانية"

نقد الصورة النمطية للمرأة في فيلم الزوجة الثانية 

تتعدد وتتنوع الموضوعات التي يمكن أن يتحدث عنها المفكرين والأدباء، ولكن تأتي موضوعات المرأة كأحد الموضوعات الشائكة لما لها من أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمع بالكامل. لقد تم تصوير المرأة العربية بصور مختلفة في الأفلام والدراما مثل الزوجة الثانية، قصر الشوق، فتاة المصنع، تيمور وشفيقة. وسوف أقوم في هذا الموضوع بالتحدث عن النظرة التي ينظر بها الاعلام إلى المرأة، وهل هذه النظرة إيجابية أم سلبية، وهل الطريقة التي يتناول بها الاعلام أوضاع المرأة تسيئ لها أم تكون في صالحها، كل هذه التساؤلات وغيرها تدور في إطار العلاقة بين الاعلام والمرأة. ولقد تعددت وتنوعت الأعمال الدرامية التي تحدثت عن المرأة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وعند النظر بصورة عامة إلى الأعمال الدرامية التي تعلقت بالمرأة قديماً أو حديثاً نجد أن المضمون تغير ولكن ليس بالدرجة الملحوظة التي تعطي لها كامل حقوقها وتحفظ لها المكانة الطبيعية التي يجب أن تحتلها المرأة في المجتمع، حيث أن غالبية السلوكيات في الأعمال الدرامية متشابهة ولم تختلف فهي لا تزال تسيئ للمرأة وتنقص من حقوقها، على الرغم من التطور الثقافي والحضاري الذي يوجد في العصر الحديث. 

كما أن ظاهر الأمر أن مكانة المرأة اختلفت في العصر الحديث في الدول العربية عما كانت عليه قديماً، ولكن عند البحث والدراسة بصورة منطقة وواقعية نري أنها عبارة عن شعارات لا قيمة لها، وأن مكانة وحقوق المرأة لا تزال ناقصة بدرجة كبيرة. وسوف أوضح صورة المرأة في أحد الأعمال الدرامية العربية المشهورة، وهو فيلم "الزوجة الثانية"، وهو فيلم مصر من إنتاج عام 1967، ومن إخراج صلاح أبو سيف وبطولة الفنانة سعاد حسني والفنان شكري سرحان، وسأحاول توضيح أحد النظريات التي تتعلق بالمرأة، وعلاقاتها بالأحداث التي تدور خلال هذا العمل الدرامي. 


صورة المرأة في الأعمال الدرامية العربية بشكل عام:

لا يوجد أي عمل درامي في العالم لا يخلو من المرأة، ومن المواقف التي تمر بها خلال حياتها، وهناك عدد من الأعمال الدرامية التي توضح الوضع الذي تعيشه المرأة من مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والتعليمية، وعناك عدد آخر يسيء إلى المرأة بصورة كبيرة للغاية، ويحمل إسقاطات تشوه صورة المرأة، وتنتزع منها أي حقوق ولو بسيطة، وتضعها في مرتبة أقل بكثير من مكانة الرجل. 

على الرغم من تغير صورة المرأة في عدد من الأعمال الدرامية الحديثة، إلا أنها لا تزال ناقصة ومرتبطة بحقوق ورغبات الرجل، فالأعمال الدرامية سواء القديمة أو الحديثة تعتبر أن حياة المرأة لا تكتمل إلا بوجود رجل في حياتها يكون مسئول عن تلك الحياة، فهو من يحفظ لها حقوقها ويحدد لها الواجبات المفروضة عليها، والغريب غي غالبية الأعمال الدرامية أنها تضع المرأة في صورة المجبرة أو المستسلمة للوضع الذي توجد عليه على الرغم من المعاناة النفسية الكبيرة التي تعيشها نتيجة هذه المواقف التي تتعرض لها في حياتها. 

والغريب في الأمر أن هناك أعمال درامية في العصر الحديث تركز على إظهار المرأة بطريقة تافهة للغاية، بحيث أصبح كل ما يهمها في الحياة هو متابعة الموضة والأزياء، أو الرغبة في الشهرة دون أي عواقب أخلاقية أو اجتماعية، وهو ما يجعل المجتمع يشعر أن هذه هي الاهتمامات الوحيدة للمرأة وينسي المجتمع حقوقها التي يجب أن تحصل عليها.


صورة المرأة في فيلم الزوجة الثانية:

يمكن القول إن الفيلم هو أحد الوثائق الفنية بالغة الأهمية على المستوي الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بالنسبة للمرأة المصرية الريفية قديماً، ومدي المعاناة التي تعرضت لها خلال تلك الفترة من التاريخ المصري، حيث أن الفيلم قد قام بعرض شخصيتين رئيسيتين للمرأة، وهما على النقيض تماماً، ويمكن توضيح الشخصية الأولي والأهم خلال أحداث الفيلم وهي شخصية(فاطمة) زوجة أحد الفلاحين، والتي تعيش في بيت فقير للغاية، مما دفعها الأمر للعمل في بيت عمدة القرية، وهي إمراه جميلة وهو ما تسبب لها بالكثير من المشاكل والمضايقات الجسدية من العمدة، ولكنها في حالة من الفقر الشديد الذي يدفعها بكل قسوة للسكوت عن تلك السلوكيات من هذا الرجل. بينما الشخصية الثانية، هي شخصية المرأة المتسلطة التي تمتلك المال، وهي متزوجة من العمدة وبسبب أموالها تسيطر بشكل كبير على زوجها. 


توضيح تفصيلي لصورة المرأة خلال أحداث الفيلم:

بعد أن قام الفيلم بعرض الشخصيات الرئيسية به، وتوضيح الحالة الاجتماعية والاقتصادية وحجم الفقر والجهل التي تعيشه المرأة في هذه البيئة الريفية، وضياع كافة حقوقها، وأن المتحكم الرئيسي في حقوق النساء هو الرجل. 

يبين هذا العمل الدرامي أن حاجة المرأة للعمل، تدفعها لتقبل إهانات من أصحاب العمل، فهي تتعرض لمضايقات لفظية وضغط كبير من زوجة العمدة، وتحرشات جسدية من العمدة، ويبين الفيلم أن المرأة تتقبل كافة هذه المواقف في سبيل الحصول على القليل من الأموال التي تكفي عائلتها، وهي صورة سلبية للغاية، حيث أن الطبيعي أن تحصل على الأموال نظير عملها. 

الموقف الرئيسي هو عندما قرر العمدة الزواج من (فاطمة) على الرغم من 
انها متزوجة، فقرر العمدة بما يمتلكه من سلطة في القرية أن يجبر (فاطمة) على الطلاق من زوجها، وتظهر الأحداث عدم قدرة المرأة على رفض هذا الأمر، وهو ما يعبر عن المكانة التي تحتلها السيدة في المجتمع، بحيث لا تستطيع الحفاظ على حقوقها ولو كانت الشرعية التي منحها الله لها، وبالتالي يكون الفيلم قد وضع المرأة في مكانة أقل من مكانة الرجل بكثير. 

وعند النظر إلى الطريقة التي تناولها الفيلم لشخصية المرأة الأخرى، وهي زوجة العمدة، وعلى الرغم من المكانة الاجتماعية المرموقة التي كانت تحتلها في القرية، وأنها متزوجة من العمدة، إلا أنها لعدم قدرتها على الإنجاب، كانت تشعر نقص كبير في حياتها، مع العلم أن زوجها هو من كان يوحي لها بهذا الإحساس بالنقص، ووصل لدرجة المعايرة في الكثير من الأحيان، إلى أن دفعها الزوج لتقبل فكرة التنازل عن حقوقها وزواجه من امرأة أخرى، وعلى الرغم من المعاناة النفسية الكبيرة التي سببها هذا الأمر لها، بالتالي يوضح الفيلم أن المرأة حتي لو امتلكت الأموال أو المكانة الاجتماعية، فإن حقوقها مرتبطة بحصول الرجل على حقوقه، كما أن أموالها لم تمكنها من الحصول على مستوي تعليمي ولو بسيط. 

وعند النظر إلى السلوكيات التي كانت تقوم بها في سبيل الإنجاب، من لجؤها للسحر والدجل يبين مدي التخلف الفكري للمرأة في تلك الفترة وفي البيئة الريفية على وجه الحدود. وتأتي الصورة الأخيرة لهذه السيدة عندما تعرض زوجها لمرض خطير وهو الشلل، فلم تستطيع الحفاظ على حقوقها المادية التي هي في الأساس ملك لها، وتكرر الفكرة الرئيسية التي يركز عليها الفيلم وتركز عليها غالبية الأعمال الدرامية، وهي أن الرجل هو المسيطر على حقوق المرأة بالكامل، بوجوده تستطيع الحصول على تلك الحقوق ولو كانت بسيطة وفي غياب الرجل لا تستطيع الحفاظ على تلك الحقوق. وخلال كل هذه الأحداث يبين الفيلم غياب واضح ومقصود للدولة ومنظمات المجتمع المدني للتعامل مع كل تلك الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة بطريقة كبيرة للغاية 


نظرية تتعلق بالمرأة:

غالبية الأفكار والنظريات التي تحدثت عن المرأة لم تعطي له نفس حقوق الرجل بالكامل، بل كانت دائماً ما تنتقص تلك الحقوق لو تعارضت مع حقوق ومكانة الرجل، ويمكن القول إن النظرية النسوية هي أهم النظريات التي تحدثت عن حقوق المرأة ومكانتها، وعن الدور الذي تقوم به في المجتمع، وأنها لا تقل بما تقدمه عن الرجل بأي مقدار أو نسبة، وهناك العديد من التعريفات للنظرية النسوية، ويمكن عرض بعض هذه التعريفات في الآتي:

1- الاعتراف أن للمرأة نفس الحقوق والواجبات التي على الرجل، في مختلف المجالات العلمية والعملية.

2- هي المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والعلمية والسياسية، أي مساواة كاملة من مختلف الجوانب والمجالات.

3- المرأة قادرة على تنظيم شئونها، وتحديد أولوياتها، والحصول على حقوقها كاملة دون تدخل أو حاجة إلى مساعدة الرجل. 

وعند الربط بين هذه النظرية وما عرضه الفيلم لصورة المرأة، نجد أن هذه النظرية وغيرها من الأفكار والنظريات النسوية جاءت لتحارب هذه الأوضاع السلبية للغاية التي كانت تعيشها المرأة ولا تزال في العديد من المجتمعات العربية. 


الرأي الشخصي:

أري أن فيلم الزوجة الثانية هو من الأعمال الدرامية المتميزة على مستوي تاريخ الدراما العربية، فما قدمه من صورة المرأة في البيئة الريفية القديمة توضح المعاناة التي كانت تعيشها في تلك البيئة الاجتماعية الفقيرة، فهو لم يسيء إلى صورة المرأة ولكنه وضح نقاط الخلل الثقافي والاجتماعي والتعليمي الذي تعرضت له في هذه البيئة الاجتماعية، وهو ما وجه نظر واهتمام المجتمع بالكامل إلى ضرورة حماية حقوق المرأة في المناطق الريفية البعيدة تماماً عن المناطق الحضارية بها، وأري في اعتقادي أن هذه النوعيات من الأعمال الدرامية التي توضح المكانة والصورة التي عليها المرأة من إهدار لكافة حقوقها حتي الشرعية التي منحها الله لها، فإنه يجب الاهتمام بها، مع التركيز من المجتمع والدولة على توضيح الوضع الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه المرأة في المجتمع. وأعتقد أن أهم ما يعيب وينقص الأعمال الدرامية سواء القديمة أو الحديثة هو أنها لا تظهر الوضع والمكانة الطبيعية التي يجب أن تكون المرأة عليها في المجتمع.


نقد الصورة النمطية للمرأة العربية في الإعلام من خلال فيلم "الزوجة الثانية"
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -