📁 قد يعجبك

مثال على الصورة النمطية للمرأة العربية في الإعلام من خلال "تيمور وشفيقة"

مثال على الصورة النمطية للمرأة في فيلم تيمور وشفيقة

كانت ومازالت المرأة أحد المحاور الرئيسية لأي عمل درامي سواء كان فيلم أو مسلسل، ونجد أن هناك اختلاف للصورة التي تظهر عليها المرأة حسب طبيعة العمل الدرامي وقدرته على تجسيد الواقع، وعند النظر بصورة عامة إلى الوضع الذي يظهر عليه المرأة في غالبية الأعمال الدرامية نجد أنها تأتي في المرتبة الأدنى للرجل، فحصولها على أي جزء من حقوقها مرتبط بموافقة الرجل، وعلى الرغم من التطور والتقدم الذي حدث في العصر الحديث، إلا أن هذه الصورة للمرأة لا تزال في غالبية الأحداث الدرامية، وهي صورة المرأة التي لا تستطيع الحصول على حقوقها كاملة، وإن حصلت على جزء من تلك الحقوق نجدها مرغمة على التخلي عن تلك الحقوق إما مجبرة على ذلك نتيجة للضغوط التي تتعرض لها من الرجل وقد حدث ذلك في العديد من الأفلام مثل "قصر الشوق"، "تيمور وشفيقة"، "الزوجة الثانية و"فتاة المصنع". 

وسأقوم بتوضيح هذه الصورة للمرأة من خلال شرح لأحد الأفلام العربية الشهيرة، وهو فيلم (تيمور وشفيقة)، للمخرج تامر حبيب، وجسدت دور المرأة الفنانة المصرية المشهورة مني زكي، ولعب دور البطل الفنان المصري أحمد السقا، وسوف أركز في تلك الأحداث الدرامية التي دارت على صورة المرأة التي بينها العمل الدرامي. في البداية سوف أوضح نظرة عامة على احداث الفيلم، حيث تدور أحداثه حول أسرتين تعيشان في حي راقي في مدينة القاهرة، وتنشأ علاقة حب بين الفتاة والشاب منذ الصغر، وعند النظر إلى البيئة الاجتماعية التي تدور بها الأحداث، والتي تعيش بها الفتاة، فنجدها بيئة اجتماعية جيدة حيث أن الفتاة حصلت على تعليم راقي بحيث دخلت الجامعة، وكانت متميزة بدرجة كبيرة في التعليم، فحصلت على درجة الدكتوراه، وكانت والدتها متفهمة للغاية بأهمية حصول الفتاة على حقها في التعليم، كما لم ينكر الشاب حق الفتاة في التعليم، ولكن بداية الأحداث والصراع بدأت مع حصولها على وظيفة مرموقة في المجتمع، وهي وزيرة للبيئة، وسوف أوضح ما هو التطور الذي حدث للفتاة، والتغير في العلاقة بينها وبين الشاب، على الرغم من حالة الحب الشديدة بينهما، وهو ما سوف أقوم بشرحه.


بداية الصراع بالنسبة للفتاة:-

يمكن القول أن الفتاة كانت تحصل على جزء كبير من حقوقها الطبيعية، على الرغم من بعض المضايقات من الشاب على حرية الفتاة في السهر أو الاختلاط بأي صورة ممكنة مع أصدقاء الجامعة من الشباب، وكانت الفتاة تتفهم هذا الأمر على الرغم من شعورها بالضيق منه في بعض الأحيان، فبين الفيلم من شعور الفتاة أن هذا من حقوق الرجل، وأنه يستطيع التحكم في تصرفاته لمجرد وجود علاقة حب بينهم، وأن العادات والتقاليد تعطي له هذا الحقن وهو نفس شعور الشاب، أن قيم وعادات المجتمع الشرقي هي من تعطي له هذا الحق في التحكم بصورة كبيرة في تصرفاتها وحركتها من السفر أو الخروج مع الأصدقاء أو حتي زيارتهم، فهو نوع من الاستبداد المغلف بطبقة رقيقة من الحب، وكانت الأحداث تنتظر أي موقف ولو بسيط للظهور على حقيقتها، وهي أن الفتاة تحتل المرتبة الثانية بالنسبة للرجل، وأن المتحكم في أفعالها وتصرفاتها هو الرجل، وان مخالفة هذا الأمر يجب أن يكون له عواقب كبيرة للغاية بالنسبة لفتاة.


الموقف الأول الرئيسي في الأحداث الدرامية بالنسبة للفتاة:-

بعد الانتهاء من العام الدراسي للفتاة في الجامعة، قامت أصدقاء الفتاة بالضغط عليها للسفر لقضاء النزهة في أحد المدن الساحلية، وقررت الفتاة السفر لقضاء النزهة دون أن تأخذ رأي الشاب، مستغله سفر الشاب وانشغاله في العمل، ثم تأتي الصدفة التي تمثل تطور الأحداث التي تظهر الأمور على حقيقتها لوضع الفتاة ولتصرفات الشاب، فكان مكان سفر الشاب للعمل هو نفس مكان سفر الفتاة لقضاء النزهة، وعندما رأي الشاب للفتاة، وعلمه أنها سافرت للعمل بدون أذنه، تغيرت طريقة تصرفه بالكامل مع الفتاة حيث لم يتقبل الأمر، أو أن هذا أحد حقوقها الطبيعية مع العلم أنها لم ترتكب أي تصرف خاطئ.


الموقف الثاني: الحياة العملية للفتاة:-

مع تخرج الفتاة من الجامعة، ونتيجة النبوغ العلمي الكبير لها، استطاعت الحصول على منصب مهم في الدولة وهي منصب وزيرة البيئة، وهو ما تعارض مع عمل الشاب والذي يعمل في الحراسات الخاصة للوزراء، فكان عمله تأمينها من الناحية الأمنية، وهنا بدأت المشاكل تتزايد للفتاة لشعور الشاب أنها أعلي منه على المستوي العملي.


الموقف الثالث: تعرض حياة الفتاة للخطر:-

مع أول أزمة تعرضت لها الفتاة وهو تعرضها للخطف خلال زيارتها لأحد الدول الأجنبية، كان الشاب هو المنقذ لها، لتعبر الأحداث أن الفتاة لا تستطيع حماية نفسها وأن الرجل هو الوحيد القادر على حمايتها، وهو ما يعبر عن ضعف الفتاة بدرجة كبيرة. ومع استمرار الضغط على الفتاة قررت التخلي عن حياتها العملية ومستقبلها بالكامل لإرضاء الشاب، وبالتالي تنتهي احداث الفيلم بالنسبة للفتاة مثل كافة الأحداث الدرامية القديمة التي لابد أن تنتهي بقبول المرأة لسيطرة الرجل على حياتها بالكامل.


ربط الفيلم بنظرية تتعلق بالمرأة:-

تعتبر النظرية النسوية أبرز النظريات التي تتعلق بالمرأة، وهناك عدد من التعريفات لهذه النظرية، ويمكن توضيح بعض هذه التعريفات في الاتي: "الاعتراف بأن للمرأة حقوق وفرص مساوية للرجل"، وذلك في كافة مجالات الحياة، سواء العلمية أو العملية، وعدم التخلي عن حقوقها مهما كانت الظروف أو الضغوط. وفي تعريف آخر للنظرية "هي المناداة بالمساواة بين الجنسين في كافة النواحي، مثل الناحية الاجتماعية والتعليمية والسياسية وغيرها من المجالات التي توجد في المجتمع، وإزالة أي نوع من التمييز الجنسي بين الرجل والمرأة. ويمكن ربط تلك التعريفات التي تقوم عليها النظرية بأحداث الفيلم، أنه على الرغم من حصول الفتاة في الفيلم على بعض من حقوقها في التعليم وكذلك في حياتها العملية بوصولها لمنصب مهم في المجتمع، ولكنها في صراع دائم للحفاظ على تلك الحقوق، واضطرت في النهاية للتخلي عن كافة حقوقها الاجتماعية والعملية لإرضاء الرجل، وهو على عكس ما تنادي به تلك النظرية وهو ضرورة تمسك المرأة بحقوقها.


الرأي الشخصي:-

على الرغم من التطور الاجتماعي والحضاري والثقافي الكبير الذي حدث في العصر الحديث، إلا أن الصورة التي تعرضها الأعمال الدرامية المختلفة عن المرأة لا تزال واحدة، فهي لم تختلف كثيراً، حيث دائماً ما تركز على مكانة المرأة المتدنية عن الرجل، حيث عند النظر إلى صورة المرأة التي عرضها فيلم تيمور وشفيقة، فعلي الرغم من بداية الفيلم التي توحي حصول المرأة على حقوقها، مثل حقها في التعليم واختيار الكلية التي ترغب بها، ولكن مع تطور الأحداث الدرامية، ظهر بالنسبة لي حقيقة الصورة التي يعرضها الفيلم للمرأة، وهي نفس الصورة التي كانت تعرضها الدراما قديماً، هي أن المرأة تأتي في المرتبة الأدنى من الرجل، وأن المتحكم في قراراتها وتصرفاتها وسلوكياتها مهما كانت بسيطة فيجب أن يوافق عليها الرجل.

وبالتالي يجب من وجهة نظري أن يقوم المثقفين والمفكرين والأدباء بممارسة دورهم تجاه المرأة وحقوقها، وذلك من خلال إيضاح أبعاد هذه الأعمال الدرامية (الأفلام والمسلسلات)، والصورة التي تظهر بها المرأة بشكل عام، وذلك لتوعية الجيل الجديد من النساء بحقوقها كاملة، وأن مكانتها ودورها في المجتمع لا يقل عن دور ومكانة الرجل بأي شكل من الأشكال. كما يجب على كل مجتمع الاستفادة من النساء التي لديها وعي ثقافي واجتماعي العمل على نشر التوعية بين النساء في المجتمع بحقوق المرأة وكيفية حصولها على تلك الحقوق، والمساواة بينها وبين الرجل، والتركيز على الصورة التي تقوم بها الأعمال الدرامية بإظهار المرأة بها، حيث أنها في الأغلب تسيئ إلى المرأة وإلى حقوقها.


مثال على الصورة النمطية للمرأة العربية في الإعلام من خلال "تيمور وشفيقة"